جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفرائض،

محمد بن أحمد الناظري (المتوفى: 1000 هـ)

(باب العلل المانعة من الإرث)

صفحة 164 - الجزء 1

  وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مِلَّةٍ مِنْ هَذِهِ الْمِلَلِ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ [غَيْرَ الْحْرَبِيَّ]، وَلَا يَرِثُ أَهْلُ مِلَّةٍ مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ أُخْرَى.

  وَالْكُفْرُ عِنْدَنَا مِلَكَ مُخْتَلِفَةٌ؛ فَمَنِ ارْتَدَّ⁣(⁣١) مِنْ مِلَّةٍ إِلَى مِلَّةٍ أُخْرَى - كَانَ مِيرَاثُهُ لِلْمِلَّةِ الَّتِي ارْتَدَّ إِلَيْهَا: إِنْ كَانَ لَهُ وَارَتْ فِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثُ فِيهِمْ⁣(⁣٢) - كَانَ مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ مَالِهِمْ؛ فَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنَ الذَّمِّيَّيْنِ وَلَا وَارِثَ لَهُ فِيهِمْ - كَانَ مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ مَالِ الذَّمِّيَّينِ عِنْدَ الْهَادِي #. وَعِنْدَ الْمُؤَيَّدِ بِاللَّهِ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

  وَيُرْوَى عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَضَرْتُ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بِصَنْعَاءَ وَقَدْ مَاتَ يَهُودِيٌّ وَلَا وَارِثَ لَهُ - فَلَمْ يَأْمُرْ بِنَقْل مَالِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ؛ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «نَحْنُ لَا نُخْرِجُ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ مَالِنَا؛ وَكَذَلِكَ لَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ شَيْئًا»⁣(⁣٣)!

  وَمَذْهَبْنَا أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ مِلَك مُخْتَلِفَةٌ، يُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا⁣(⁣٤)؛ فَلَا تَرِثُ مِلَّةٌ


= الْيَوْمَ إِذْ قَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ بِمَحْضَرِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَاتَّفَاقُ كَلِمَةٍ. التجريد ٢/ ١٤٥، وأصول الأحكام ١/ ٢٦٢، وأبو داود ٣/ ٤٢٩ رقم ٣٠٤٠، وعبدالرزاق ١٠/ ٣٦٧ رقم ١٩٣٩٤.

(١) صَوَابُهُ فَمَنِ انْتَقَلَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنِ الْإِسْلَامِ.

(٢) وَأَمَّا مَنِ انْتَقَلَ مِنْ أَهْلِ الذَّمَّةِ إِلَى الْحَرْبِينَ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَالُهُ لِوَرَثَهِ الذَّمِّيِّينَ أَوْ لِبَيْتِ مَالِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُذَاكِرِينَ: يَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ لَا مِيرَاثَا؛ لِأَنَّهُ بِالرِّدَّةِ نَقَضَ الدُّمَّةَ فَعَادَ إِلَى الْأَصْلِ، حَكَاهُ الْفَقِيهُ يُوسُفُ، قَالَ: وَقَوَّاهُ بَعْضُ الْمُذَاكِرِينَ وَيُنْظَرُ فِي أُمَّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّره.

(٣) يَقُولُ الْمُحَقِّقُ: لله دَرُّهُ مِنْ إِمَامٍ مَا أَعْدَلَهُ وَأَكْرَمَ أَخْلَاقَهُ! وَهُوَ خُلُقٌ مُتَوَارَثٌ عَنِ الْوَصِيُّ # عَنِ النَّبِيِّ ÷. وَالصَّحِيحُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ إِلَيْهِ وَيَجْعَلُهُ فِي مَصَالِحِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ لَا الدّينيَّةِ: مثل إصْلَاحِ طُرُقاتِهِمْ وَمَنَاهِلِهِمْ دُونَ كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ بَيْتُ مَالٍ وَلَا سُلْطَانٍ. مصباح. و (é).

(٤) أَصْرَحُ حُجَّةِ لِأَهْلِ الْمَذْهَب أَنَّهُمْ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ - قَوْلُهُ ÷: «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّةٍ =