(باب العلل المانعة من الإرث)
  مِنْ مِلَّةٍ أُخْرَى؛ وَالدِّلِيلُ عَلَى تَكْفِيرِ بِعْضِهِمْ بَعْضًا - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُمۡ يَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۗ}[البقرة: ١١٢]؛ فَأَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى بِتَكْفِيرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَشَهِدَ عَلَيْهِمْ بِالِاخْتِلَافِ وَالِافْتِرَاقِ [اخْتَلَافِ أَقْوَالٍ، وَافْتِرَاقِ أَدْيَانِ].
  وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَرَوَاهُ فِي «شَرْحِ الْإِبَانَةِ» عَنِ الْمُؤَيَّدِ بِاللهِ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بن ثَابِتٍ، وَابْن مَسْعُودٌ: إِنَّهُمْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَيَتَوَارَثُونَ، وَأَسْنَدَ الشَّيْخُ هَذَا الْقَوْلَ إِلَى الْفُقَهَاءِ [الْأَرْبَعَةِ](١)، وَحُجَّتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْكُفْرَ قَدْ عَمَّهُمْ، وَالذَّمَّةٌ قَدْ شَمِلَتْهُمْ؛ فَلَهُمْ دِينُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْكُفْرُ، كَمَا أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ دِينًا وَاحِدًا هُوَ الْإِسْلَامُ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١}.
  وَالْمُرْتَدُّ: هُوَ مَنْ عَرَفَ الصَّانِعَ، وَأَقرَّ بِالشَّرَائِعِ: أَعْنِي شَرِيعَةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ÷، وَارْتَدَّ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ؛ فَهَذَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ™ أَوِ الْقَتْلُ دُونَ الاسْتِرْقَانِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ} الآية [آل عمران: ٨٥]، وَقَوْلِهِ ÷: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ»(٢).
  وَالِاسْتِتَابَةُ وَاحِبَةٌ™ عِنْدَنَا(٣). وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ.
= إِلَّا مِلَّهُ الْإِسْلَام؛ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْمُسْلِمِينَ جَائِزَةٌ عَلَى أَهْلِ الْمِلَل». أصول الأحكام ٢/ ٣٣٥، والطبراني في الأوسط ٨/ ٣٧ رقم ٧٨٨٨، وأحمد ٦/ ٢٤٥ رقم ١٧٨٤١، والدارقطني ٤/ ٢٠١٣. فَائِدَةٌ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَالُ الَّذِي لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ بَيْتَ مَالِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَمَالَؤُوا أَنَّهُمْ يَنُونَ بَيْنَا يَجْمَعُونَ فِيهِ أَمْوَالَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ خَرَاجِ وَغَيْرِهِ فَسُمِّيَ™ بِذَلِكَ، شرح فتح ٥٢١.
(١) يُنْظَرُ الْبَحْرُ الزَّخَارُ ٦/ ٥٥٤، ٥٥٥، ومختصر اختلاف العلماء ٤/ ٤٤٩.
(٢) البخاري ٣/ ١٠٩٨ رقم ٨٥٤، والترمذي ٤/ ٤٨ رقم ١٤٥٨، والدارقطني ٣/ ١١٣.
(٣) وَإِنَّمَا تَجِبُ الِاسْتِتَابَةُ عِنْدَنَا حَيْثَ لَا مَنْعَةَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنَعَةٌ فَلَا يُسْتَتَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَزْهَارِ ٢٩٢؛ حَيْثُ قَالَ: بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ ثَلَاثَاءِ فَأَبَ؛ وَالْمُحَارِبُ مُطْلَقًا، لَا مِنْ يَوْمِ =