جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفرائض،

محمد بن أحمد الناظري (المتوفى: 1000 هـ)

(باب العلل المانعة من الإرث)

صفحة 165 - الجزء 1

  مِنْ مِلَّةٍ أُخْرَى؛ وَالدِّلِيلُ عَلَى تَكْفِيرِ بِعْضِهِمْ بَعْضًا - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُمۡ يَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۗ}⁣[البقرة: ١١٢]؛ فَأَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى بِتَكْفِيرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَشَهِدَ عَلَيْهِمْ بِالِاخْتِلَافِ وَالِافْتِرَاقِ [اخْتَلَافِ أَقْوَالٍ، وَافْتِرَاقِ أَدْيَانِ].

  وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَرَوَاهُ فِي «شَرْحِ الْإِبَانَةِ» عَنِ الْمُؤَيَّدِ بِاللهِ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بن ثَابِتٍ، وَابْن مَسْعُودٌ: إِنَّهُمْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَيَتَوَارَثُونَ، وَأَسْنَدَ الشَّيْخُ هَذَا الْقَوْلَ إِلَى الْفُقَهَاءِ [الْأَرْبَعَةِ](⁣١)، وَحُجَّتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْكُفْرَ قَدْ عَمَّهُمْ، وَالذَّمَّةٌ قَدْ شَمِلَتْهُمْ؛ فَلَهُمْ دِينُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْكُفْرُ، كَمَا أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ دِينًا وَاحِدًا هُوَ الْإِسْلَامُ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١}.

  وَالْمُرْتَدُّ: هُوَ مَنْ عَرَفَ الصَّانِعَ، وَأَقرَّ بِالشَّرَائِعِ: أَعْنِي شَرِيعَةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ÷، وَارْتَدَّ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ؛ فَهَذَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الْقَتْلُ دُونَ الاسْتِرْقَانِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ} الآية [آل عمران: ٨٥]، وَقَوْلِهِ ÷: «مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ»⁣(⁣٢).

  وَالِاسْتِتَابَةُ وَاحِبَةٌ عِنْدَنَا⁣(⁣٣). وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ.


= إِلَّا مِلَّهُ الْإِسْلَام؛ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْمُسْلِمِينَ جَائِزَةٌ عَلَى أَهْلِ الْمِلَل». أصول الأحكام ٢/ ٣٣٥، والطبراني في الأوسط ٨/ ٣٧ رقم ٧٨٨٨، وأحمد ٦/ ٢٤٥ رقم ١٧٨٤١، والدارقطني ٤/ ٢٠١٣. فَائِدَةٌ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَالُ الَّذِي لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ بَيْتَ مَالِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَمَالَؤُوا أَنَّهُمْ يَنُونَ بَيْنَا يَجْمَعُونَ فِيهِ أَمْوَالَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ خَرَاجِ وَغَيْرِهِ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ، شرح فتح ٥٢١.

(١) يُنْظَرُ الْبَحْرُ الزَّخَارُ ٦/ ٥٥٤، ٥٥٥، ومختصر اختلاف العلماء ٤/ ٤٤٩.

(٢) البخاري ٣/ ١٠٩٨ رقم ٨٥٤، والترمذي ٤/ ٤٨ رقم ١٤٥٨، والدارقطني ٣/ ١١٣.

(٣) وَإِنَّمَا تَجِبُ الِاسْتِتَابَةُ عِنْدَنَا حَيْثَ لَا مَنْعَةَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنَعَةٌ فَلَا يُسْتَتَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَزْهَارِ ٢٩٢؛ حَيْثُ قَالَ: بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ ثَلَاثَاءِ فَأَبَ؛ وَالْمُحَارِبُ مُطْلَقًا، لَا مِنْ يَوْمِ =