جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفرائض،

محمد بن أحمد الناظري (المتوفى: 1000 هـ)

(باب ميراث الحمل)

صفحة 508 - الجزء 1

  وَالْفَاسِدَةُ: أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ⁣(⁣١)، أَوْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ⁣(⁣٢)، فَهَذِهِ كَالْعِتْقِ الْمَشْرُوطِ أَنَّهُ يَعْتَقُ عِنْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ؛ لِكَوْنِهَا تَجِبُ عَلَيْهِ السَّعَايَةُ فِي بَاقِي قِيمَتِهِ⁣(⁣٣) إِنْ كُوتِبَ عَلَى مَا لَهُ ثَمَنُ، وَإِلَّا فَفِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ.

  وَالْبَاطِلَةُ: أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى حُرِّ، أَوْ مَيْتَةٍ، أَوْ دَمِ؛ فَلَا يَعْتَقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ⁣(⁣٤).

  وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْعَمَل فِي التّوْرِيثِ؛ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (الْمُكَاتَبُ يَرِثُ، وَيُورَثُ، وَيُعَصِّبُ، وَيَحْجُبُ، وَيُسْقِطُ، وَيُشَارِكُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ). وَقَدْ أَشَارَ الشيخ | في هَذَا الْبَابِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْثِلَةٍ:


(١) وَالشَّيْءُ الْمَجْهُولُ مِمَّا يَصِحُ تَمَلُّكُهُ: كَأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى ثَوْبِ؛ وَالرِّيَابُ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ؛ فَهُوَ مَجْهُولٌ، فَإِذَا كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ، وَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ مِنَ الْجِنْسِ. أَوْ حَيَوَانُ مَجْهُولٌ فَسَلَّمَهُ كَانَ الزَّائِدُ مِنَ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ إِلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ رَدَّ السَّيِّدُ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَتِهِ، وَيَكُونُ حُكُمُ الزَّائِدِ فِي يَدِ السَّيْدِ إبَاحَةً مَعَ عِلْمِ الدَّافِعِ، وَغَصْبًا مَعَ جَهْلِهِ.

(٢) وَالْمُخْتَارُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ أَنَّهَا تَكُونُ بَاطِلَةٌ: سَوَاءٌ كَانَ فِي الذَّمَّةِ، أَوْ مُعَيَّنًا كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. هَذَا عَلَى قَوْلِ الْهَادِي، وَأَحَدِ قَوْلَي الْمُؤَيَّدِ بِاللَّهِ؛ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي حَالٍ، وَهْوَ إِذَا أَتْلَفَهُ عَلَى الذَّمِّيَّ فِي مَوْضِعِ أَذِنَّا لَهُمْ بِسُكْنَاهُ. تَعْلِيقُ بَحْرٍ؛ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْكِتَابَةُ عَلَى عِوَضِ خَيْرٍ فَاسِدَةٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ فَبَاطِلٌ مُطْلَقًا مُعَيَّنًا أَوْلَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ سَرِيعُ النُّفُوذِ.

(٣) وَتَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْكِتَابَةِ، وَقِيلَ يَوْمَ الْأَدَاءِ.

(٤) مَالَمْ يَكُنْ شَرْطًا. فَإِذَا كَانَتْ بِاطِلَةٌ كَانَ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا. قَالَ فِي الْكَافِي: إِلَّا أَنْ يَقُولَ: إِذَا أَذَيْتَ لِي كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنَّهُ يَعْتَقُ بِالشَّرْطِ وَلَمْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. حاشية الشرح ٨/ ٥١٦. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَبَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَيْتةِ وَالدَّمِ أَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ يَجِبُ ضَمَانُهُ حَيْثُ أُهْرِيقَ فِي بَلَدٍ يَجُوزُ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى سُكْنَاهَا؛ وَالْحُرُّ وَالْمَيْتَةُ وَالدَّمُ لَا يَجُوزُ تَقْوِيمُهُمَا عَلَى كُلَّ حَالٍ؛ فَكَانَتْ بَاطِلَةٌ. ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الزُّهُورِ.