نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الإيمان برسول الله محمد ÷

صفحة 23 - الجزء 1

  هذا، وفي كتاب الله تعالى بيان واضح على صدق الرسول ÷، وأنه من عند الله تعالى، من ذلك ما ذكره الله تعالى مما لا يمكن لبشر في ذلك الوقت الاطلاع عليه ومعرفته، وذلك كتحدثه عن أسرار البحار التي لم تعرف إلا في عصر الغواصات الحديثة، قال تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ}⁣[النور: ٤٠]، فإنه لم يكتشف وجود موج تحت الموج السطحي إلا في هذا القرن، والقرآن قد تحدث عنه قبل أربعة عشر قرناً، فهذا دليل على أن القرآن من عند الله تعالى، إذ أن محمداً ÷ لم يكن من علماء البحار والمحيطات، ولو فرضنا أنه منهم، لما تأتت له معرفة ذلك في ذلك العصر البدائي؛ لعدم وسائل المعرفة.

  فحين جاء بذلك السر وتلك المعارف، ثم صدقها الواقع، علمنا أنه من عند الله تعالى، وفي هذا آية عظيمة لأهل هذا الزمان الذين قلت معرفتهم لأسرار البلاغة المودعة في آيات القرآن. ومن أسرار البحار التي تحدث عنها القرآن ولم تعرف بالفعل إلا في هذا القرن، ما جاء في سورة الرحمن قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ١٩ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ٢٠ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٢١ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ٢٢ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٢٣}⁣[الرحمن]، فقد اكتشف البحارة الغربيون في أوائل هذا القرن أثناء وجودهم في باب المندب، والبحر الأحمر أمامهم، والمحيط