المختصر المفيد للمبتدئ والمستفيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[السبر والتقسيم، والمناسب]

صفحة 54 - الجزء 1

  والذي يدل على أنهما من طرق العلة:

  دعوى أن الأمة قد أجمعت على أن الأحكام معللة، فإذا لم نجد طريقا من الطرق المتقدمة التي تدل على علة ذلك الحكم، رجعنا إلى السبر والتقسيم؛ وهو: حصر أوصاف المحكوم عليه، وإبطال كل وصف لا يمكن أن يكون علة، ونحكم بعِلِّيَّة الوصف الممكن.

  ويسمى هذا حجة الإجماع؛ لأنه مستند إلى الإجماع على أن لابد للحكم من علة، وإن كان المناسب مثله مستنده إلى الإجماع؛ لكن جعل له اسم آخر يتميز به، وقد جعلوا السبر والتقسيم مقدما على المناسب، والراجح عندي: أن المناسب أقوى؛ لأن بينه وبين الحكم مناسبة حكمية، وأحكام الشرع مبنية على الحكمة والمصلحة.

  وأيضا، فلا يخلو المناسب: من أن يكون معه أوصاف أخرى نبطلها لعدم المناسبة بينها وبين الحكم الشرعي، ونثبت المناسب، فيكون السبر والتقسيم قد تضمن المناسبة الحكمية، وما أظنهما إلا شيئا واحدا؛ لأنا لا نثبت في السبر والتقسيم إلا الوصف المناسب، أو ما دار معه الحكم وجودا وعدما، وقد يمثل لهما بمثال واحد؛ كما يقال في الخمر: حصرت الأوصاف فإذا هي: إما اللون، أو شدة الرائحة، أو كونه شرابا مصطنعا، أو الإسكار.