العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[التحسين والتقبيح العقليان]

صفحة 168 - الجزء 1

  المختار، ووجوب الواجبات، وعلى دار الجزاء ووجود النبي، أما وجود الصانع المختار، فلأن الصبي إذا لطم يتألم ويقول: من الذي ضربني وما ذاك إلا أن شهادة فطرته تدل على أن اللطمة لما حدثت بعد عدمها وجب أن يكون حدوثها لأجل فاعل فعلها، ولأجل مختار أدخلها في الوجود، فلما شهدت بذلك الفطرة الأصلية بافتقار ذلك الحادث مع قلته وحقارته إلى الفاعل فبأن تشهد بافتقار جميع حوادث العالم إلى الفاعل كان أولى.

  وأما وجوب التكليف، فلأن ذلك الصبي ينادي ويصيح ويقول: لِمَ ضربني ذلك الضارب، وهذا يدل على أن فطرته شهدت بأن الأفعال الإنسانية داخلة تحت الأمر والنهي، ومندرجة تحت التكليف وأن الإنسان لم يخلق مفوضاً ولا سدىً.

  وأما وجوب دار الجزاء، فهو أن ذلك الصبي يطلب الجزاء على تلك اللطمة، وما دام يمكنه طلب ذلك الجزاء فإنه لا يتركه، فلما شهدت الفطرة الأصلية بوجوب الجزاء على ذلك العمل القليل فبأن تشهد على وجوب الجزاء على جميع الأعمال كان أولى.

  وأما على وجوب النبوة، فلأن المكلفين يحتاجون إلى مبين يبين لهم أن العقوبة الواجبة على ذلك القدر من الجناية كم هي، فلا معنى للنبي إلا الإنسان الذي يقدر هذه الأمور ويبين لهم هذه الأحكام، فثبت أن فطرة العقل حاكمة بوجوب ما ذكرنا وجوباً لا ينفك عن معرفته عاقل، فافهم.

  وأما قوله: إن الله حاكى ... إلى آخر كلامه، فيلزمه أنه حاكى في الأصوليات أيضاً؛ لأن الشرع يُوافق مع العقل على ذلك، بل كل ما وافق العقل والشرع من المسائل فيلزم منها أن