العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

فصل في الاختيار والكسب

صفحة 177 - الجزء 1

فصل في الاختيار والكسب

  ذهب الماتريدية: أن الله تعالى إذا خلق في ذهن العبد داعيه فعل اختياري أي صورة أم بطلبه النفس وتصوره ملائما ينبعث عنه شوقها أي ميلها إليه، ويخلق الله تعالى ما يشاء فيه حالة اختيارية تمكن من قصد الفعل والترك على البدل تسمى الإرادة الكلية كما يشير إليه قوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}⁣[المدثر: ٣٧] {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}⁣[النساء: ٣٩] وصرفها بذلك التمكين إلى جانب معين هو الإرادة الجزئية، فإن كان هو قصد الحركة عند الاستطاعة أي سلامة الأسباب والآلات يخلق الله تعالى على جاري عادته في العبد الفعل مع القدرة التي يكون بها موصوفاً بما يميزه على غيره، ككونه قياماً أو قعوداً طاعة أو معصية إلى غير ذلك مما لا توصف به أفعاله تعالى، كما يرشد إليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}⁣[الرعد: ١١] {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٥] فالحركة باعتبار نسبتها إلى قدرة الله وتكوينه تسمى خلقا، وباعتبار نسبتها إلى قدرة العبد تسمى كسباً، وتصوير الملائم واستحضار كون المراد محبوباً للنفس بالعلم القائم بها الذي صار ملكة راسخة فيها من تكرر الجزئيات الملائم عليها؛ أي لكون متصور اللازم في ذلك العلم والقصد والإرادة الجزئية، أي الكون مريدا اللازم للإرادة الكلية، وتعلق القدرة الحادثة بالمقدور هو الكسب، أي الكون قادرا للازم للقدرة وليس هي من الوجوديات؛ لأنها إما أحوالاً