العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

مبحث في الإرادة

صفحة 295 - الجزء 1

مبحث في الإرادة

  وإذ قد تعرضنا لحكاية بعض أهل السنة وجب علينا الإشارة إلى تحقيق ذلك والرد عليهم فنقول:

  قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥] {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}⁣[النساء: ٢٧] {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}⁣[النساء: ٢٦]، {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}⁣[النساء: ٦٠] {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}⁣[المائدة: ١]، والآيات والأخبار دالة على حكمة أفعال الله والإجماع منعقد أن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بصفة نقص.

  إذا تقرر هذا فاعلم أن الإرادة لا تتعلق بفعل الغير من طاعة أو معصية إلا بمعنى التمكين فما ورد من الآيات التي تعلق بها الخصم فمحمول على التمكين أما أنها تخصص فعل الغير فغلط فاحش ولو كان ذلك كذلك لصح أن يشترك الناس في نية أحدهم أو عزمه والذي يظهر أن الإرادة ترد لمعاني، منها: الإرادة الملازمة للمحبة وحصول المراد، كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}⁣[الأحزاب: ٣٣] {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥] {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ}⁣[النساء: ٢٦] {وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ}⁣[الأنفال: ٦٧]، وما روى مسلم بن الحجاج مرفوعاً في حساب العاصي: «قد أردت منك أيسر من ذلك» وهي الملازمة لمحبة المراد