العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[عقائد المتسمين بأهل السنة]

صفحة 288 - الجزء 1

  أقول: وقد استظهر في تفسيره للإستواء بخبر رواه عن أم سلمة موقوفاً.

  وتحرير الجواب الإجمالي أن يقال: إما أن يفسر الصحابة أو التابعين مجاز القرآن من تلقاء نفسه وفهمه من لغته، فما المانع لمستقري لغتهم من ذلك إلا مجرد التحكم، وإن رفعوا ذلك فكلا على أصله هل يقبل في المسألة وما شابهها المظنون أم لا؟! ولا يخفى أنهم قد أثبتوا له سبحانه الاستواء، فإن أخذنا بظاهره على زعمهم لزم المستوي حقيقة وتعطيل ما سواه من الله سبحانه وتحيزه وحلوله، وقد قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ}⁣[الزخرف: ٨٤] {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ ...}⁣[المجادلة: ٧] إلى غير ذلك كثير.

  وإن قلنا بلى كيف فقد صرفنا الآية عن ظاهرها وهو المطلوب وليس تفسيركم بغير برهان شهير، ولا علم ولا هدى ولا كتاب منير بأولى من تفسيرنا ولا مقابل له، والقول في المجيء والإتيان كذلك ويشكل عليهم أن الله سبحانه قال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ ...}⁣[المجادلة: ٧] الآية، وقال: {إِنِّي مَعَكُمْ} مخاطباً للملائكة $ في آية ولبني إسرائيل في أخرى، فإما أن يثبتوا له ذلك صح أنه بكل مكان كما قال: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ}⁣[الزخرف: ٨٤] وقال: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}⁣[طه: ١١٠] أو يتأولون هذه الآيات، فقد خرجوا بذلك عن مذهبهم وعاد التقسيم الأول، وقد حذونا حذوهم في ترك الدليل العقلي؛ لأنهم نفوه لما يلزم كأنه أتى على زعمهم بما لم يأت به السمع.