العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

مبحث في الإرادة

صفحة 296 - الجزء 1

  والأمر به وتحسينهُ أو شيئاً مما يقارب هذا المعنى، وهي الإرادة الشرعية للواجبات والمستحبات، وهي إرادة الشيء لنفسه لا لوجوه واعتبارات، وهذه هي الإرادة الحقيقية بالإجماع، فالقبائح لا تكون مراده بهذا المعنى وهذا قول العدلية جميعاً ولم يعترفوا بمعنى الإرادة غير هذا المعنى.

  الثاني: بمعنى العلم وهو الإخبار بما كان وما سيكون كما قال الحسن بن يحيى ومحمد بن منصور: للعباد أفعال ومشيئات نسبها الله إليهم وعلم الله إرادته ومشيئته محيطة بإرادتهم فلا يكون منهم إلا ما أراد وعلم أنه كائن منهم وقد أراد خلقهم وخلقهم بعد علمه بما هو كائن منهم وعليه نزل قوله تعالى: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً}⁣[النساء: ٨٨] لأنه لما سبق في علمه أن العبد لا يؤمن إما لكون قابليته لا تقبل هداية الفطرة، أو أنه يتولى الشيطان بعد ذلك حكم عليه بذلك لا بنفس العلم أو غير ذلك بل بنفس العمل {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ ...}⁣[التوبة: ٧٦] {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ}⁣[التوبة: ٧٧] {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ}⁣[البقرة: ٢٦] {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}⁣[النساء: ٨٨] وغير ذلك، وإلى أن الإرادة بمعنى العلم أشار بعض قدماء أئمتنا $.

  المعنى الثالث: إرادة السبب لا غير، كأمر الله تعالى إبراهيم الخليل # بذبح ولده لابتلائه بذلك، ثم حال بين الموس وبين الأوداج بما حال، وفداه بما فداه، فإرادة الله السبب وهو الامتثال لا المسبب وهو الذبح، ولا يخلو هذا الوجه من مؤاخذة المعنى.

  الرابع: إرادة بمعنى المشيئة؛ لرجوع كل من الإرادة والمحبة والاختيار إلى الآخر، قال