باب جمع التكسير
  (تلتقطه بعض السّيّارة)(١) وقال: {لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}(٢) [وقال الشاعر]:
  ٤٨ - إذا بعض السّنين تعّرقتني ... كفى الأيتام، فقد أبي اليتيم(٣)
  [وقال الآخر]:
  ٤٩ - مشين، كما اهتزّت رياح تسفّهت ... أعاليها مرّ الرّياح النواسم(٤)
  فأنث تسفهت، والفاعل [٢٣ / أ] مر الرياح، لأنه مضاف إلى المؤنث.
  [الثاني]: أنه حمل (بنو اللقيطة)، على القبيلة، فأنثها حملا على المعنى. وباب الحمل على المعنى، باب واسع. ألا ترى أنه قد جاء: {وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا}(٥) ولا يقال: نصرت منه، ولكنه حمل قوله: (ونصرناه) على قوله: {وَنَجَّيْناهُ}(٦) فعداه بمن، كما يعدّى: نجينا.
  وكذلك قال الله تعالى: {وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}(٧) فعدى (تقسطوا) بإلى، كما يعدى: يحسنوا، فكأنه قال: وتحسنوا إليهم.
  [الثالث]: أن قوله: بنو اللقيطة، ليس: بنون، جمع: ابن على حده، لأن جمعه على لفظه: أبنون. فلما غير عن لفظ الواحد، جرى مجرى جمع التكسير، فأنث فعله، كما كان يؤنثه، لو قال: لم تستبح الرجال.
  واعلم أن جمع التكسير، على أربعة أوجه:
  [الأول]: أن يكون التكسير، أكثر حروفا، من المفرد، كقولك: رجل، ورجال.
  [الثاني]: أن يكون لفظ الجمع، أقل من لفظ المفرد، كقولك: كتاب، وكتب، وحمار، وحمر، وجدار، وجدر.
  [الثالث]: أن يكون الفرق بين المفرد، والجمع، هاء التأنيث، كقولك: نخلة، ونخل،
= إن القرآن نزل بلغة الحسن لقلت لفصاحته). ينظر: غاية النهاية ١: ٢٣٥.
(١) ١٢: سورة يوسف ١٠، وهي قراءة: مجاهد، وأبي رجاء، والحسن، وقتادة. إعراب القرآن - للنحاس ٢: ١٢٦، والبحر المحيط ٥: ٢٨٤.
(٢) ٢: سورة البقرة ٦٩.
(٣) البيت من الوافر، لجرير، في: ديوانه ٥٠٧، والكتاب ١: ٥٢، ٦٤، والتحصيل ٧٦، ٨٣، واللسان (عرق) ١٠: ٢٤٥، والخزانة ٤: ٢٢٠، ٢٢١.
وبلا نسبة في: المقتضب ٤: ١٩٨، وابن يعيش ٥: ٩٦، وشفاء العليل ٢: ٧٠٧.
وفي جميع رواياته: تعرقتنا، بدل: تعرقتني.
عرقتني، من: عرقته الخطوب، أي: أخذت منه، وذهبت بلحمه، اللسان (عرق) ١٠: ٢٤٥.
(٤) البيت من الطويل، لذي الرمة، في: ديوانه ٢: ٧٥٤، وفيه: رويدا، بدل: مشين، والكتاب ١: ٥٢، والتحصيل ٣٧، ٤٧، واللسان (سفه) ١٣: ٤٩٩، والخزانة ٤: ٢٢٥.
وبلا نسبة في: المقتضب ٤: ١٩٧، والخصائص ٢: ٤١٧، والأشموني ٣: ٤٠٢، وعمدة الحافظ ٨٣٨، وشفاء العليل ١: ٤١٣.
(٥) ٢١: سورة الأنبياء ٧٧.
(٦) ٢١: سورة الأنبياء ٧١.
(٧) ٦٠: سورة الممتحنة ٨.