المبحث الثاني شرح اللمع، لجامع العلوم ومنهجه فيه:
  ب - قد يترك جامع العلوم شرح اللمع بالقول، ويستغني عن عبارة (قال أبو الفتح)، ويكتفي بعنوان الباب فقط كما صنع ابن برهان، والثمانيني، كل منهما يشرح، ونص ابن جني في ذهنه، وكأنه أثبته بالقول، وهذا لديه كثير أيضا، ومن الأمثلة على ذلك: (باب إعراب الاسم المعتل؛ إذ بدأه بعد العنوان، بقوله: الاسم المعتل: ما كان آخره ياءا قبلها كسرة أو ألفا ... الخ)(١).
  ونص ابن جني في اللمع: (الاسم المعتل على ضربين: منقوص، ومقصور)(٢).
  ح - ترك جامع العلوم الكثير من الأبيات التي استشهد بها ابن جني في لمعه فلم يستشهد بها أو يشرحها، فمنه قوله، في باب المفعول معه:
  فكونوا أنتم، وبنو أبيكم ... مكان الكليتين من الطحال(٣)
  وقول الآخر، في باب: لا، في النفي:
  فلا لغو، ولا تأثيم فيها ... وما فاهوا به، أبدا، مقيم(٤)
  ٣ - الاستشهاد:
  أ - الاستشهاد بالقرآن الكريم: كان للقرآن الكريم النصيب الأوفر في الاستشهاد عند جامع العلوم، وقد احتفل به احتفالا عظيما، وجعله في الصدارة من شواهده، وعاب من قدم عليه الشعر في الاستشهاد، إذ استهجن ولوع ابن جني في الاستشهاد بالشعر؛ فقال: (فإذا نظرت إلى عثمان)(٥) وقد أخذ في تعداد الشواهد على أصل واحد(٦)، فاعلم أن أفضل منه وأنبل، وأخص وأحسن مقالا من بدل شواهده من الشعر بشواهد من التنزيل ... ألا ترى أنه # قال: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، ولم يقل: أهل أبيات ذي الرمة، ولا أبيات النابغة، فلم أفنيت عمرك(٧) في تعداد هذا ... وأين أنت من قوله: {لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}(٨)، وقوله: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي}(٩). وقوله: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}(١٠)، وقوله: {هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي}(١١)، وقوله: {فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ}(١٢). أفترى هو في حكايته: جاءته كتابي(١٣)، هذا فائزا بالحظ الأوفى، أم الذي يعد لك هذه الآي)(١٤).؟!
  وقال أيضا: (وإنما ينبغي أن تعنى بالشواهد من التنزيل، وطلب المعاني من الكتاب في التنزيل، بعد إحكام ظاهر التنزيل، يسمح لك بهذه الأشياء، فإن خالفت هذه الصفة تحقق فيك
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٤.
(٢) اللمع في العربية ٦٢.
(٣) نفسه ١٣٢.
(٤) نفسه ١١١.
(٥) الكشف ٦٣٥، ٦٥٤، ٦٥٧.
(٦) الخصائص ٢: ٤١١، والجواهر ٢: ٦٧٥.
(٧) الخطاب لابن جني.
(٨) ٢: سورة البقرة ٦٩.
(٩) ٦: سورة الأنعام ٧٨.
(١٠) ٧: سورة الأعراف ٥٦.
(١١) ١٨: سورة الكهف ٩٨.
(١٢) ٢: سورة البقرة ٢٧٥.
(١٣) الخصائص ٢: ٤١٦.
(١٤) الكشف ٢: ٦٥٤.