باب كان وأخواتها
  الدار. [قلت]: قوله: كان زيد وجهه حسن. زيد: اسم (كان). ووجهه مبتدأ. وحسن: خبره.
  والجملة: في موضع النصب، خبر (كان). ويجوز: كان زيد وجهه حسنا، بنصب (حسن)، فيكون (وجهه): بدلا من زيد. و (حسنا): خبره. وفي بعض النسخ ذكر هذا، واستشهد [بقول الشاعر]:
  ١٠٣ - فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنّه بنيان قوم تهدّما(١)
  فقيس: اسم كان. وهلكه: مبتدأ. وهلك واحد: خبره. والجملة في موضع النصب، خبر (كان). ويجوز: هلك واحد، بالنصب، فيكون: هلكه: بدلا من قيس. وهلك واحد، خبره. وهذا من بدل الاشتمال. ووجهه في المسألة بدل بعض من كل.
  [قال أبو الفتح]: وتزاد الباء في خبر ليس، مؤكدة. فيقال: ليس زيد بقائم، أي: ليس زيد قائما. وليس محمد بمنطلق، أي: ليس محمد منطلقا. فإن عطفت على قائم، جاز في المعطوف وجهان [٤٥ / ب]: الجر على اللفظ، والنصب على الموضع. تقول: ليس زيد بقائم ولا قاعد، ولا قاعدا أيضا. [قال الشاعر]:
  ١٠٤ - معاوي، إننّا بشر، فأسجح ... فلسنا بالجبال، ولا الحديدا(٢)
  [قلت]: اعلم أن الباء في الكلام على ثلاثة أقسام:
  [الأول]: أن تكون للإلصاق. كقولك: عمل النجار بالقدوم، لأنه ألصق النجارة بالآلة.
  [الثاني]: أن تكون الباء للإيصال. كقولك: مررت بزيد. أوصل الباء المرور إلى زيد.
  [الثالث]: أن تكون الباء زائدة. وذلك قد جاء في مواضع، منها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها}(٣) فالباء زائدة، لقوله: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}(٤). ومنها قوله في أحد التأويلات: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}(٥) أي: تنبت الدهن. ومنها زيادتها في خبر ليس. تقول: ليس زيد بقائم. فالباء زيدت، لتأكيد النفي. والجار، والمجرور منصوب الموضع، لأنه خبر ليس. وكذلك يكون ذلك في: (ما) كقولهم: ما زيد بقائم. واستدل على ذلك بالبيت. وهو قوله:
  ١٠٥ - ... ... فلسنا بالجبال، ولا الحديدا(٦)
  فحمل الحديد على موضع الجار. وقد طعنوا في ذلك، وقالوا: إن القافية مجرورة، وقبل البيت:
  أكلتم أرضنا فجرزتموها ... فهل من قائم أو من حصيد
(١) البيت من الطويل، لعبدة بن الطبيب. في: ديوانه ٨٨، والكتاب ١: ١٥٦، والتحصيل ١٢٤، وديوان الحماسة ١: ٣٢٨، والأغاني ٢١: ٢٦، وأمالي المرتضى ١: ١١٤، وابن يعيش ٣: ٦٥، والشعر والشعراء ٢: ٧٢٨.
(٢) البيت من الوافر، لعقبة بن هبيرة الأسدي، في: الكتاب ١: ٦٧، ٢: ٢٩٢، ٣٤٤، ٣: ٩١، والتحصيل ٨٧، ٣٤٢، والإنصاف ١: ٣٣٢، والخزانة ٢: ٢٦٠، ٤: ١٦٥، ١٠: ٣٠١، ١١: ٣٩٧.
وبلا نسبة في: المقتضب ٢: ٣٣٨.
(٣) ١٠: سورة يونس ٢٧.
(٤) ٤٢: سورة الشورى ٤٠.
(٥) ٢٣: سورة المؤمنون ٢٠.
(٦) سبق ذكره، رقم (١٠٤).