كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب كان وأخواتها

صفحة 150 - الجزء 1

  في أبيات، إلى أن أتى إلى قوله: فلسنا بالجبال ولا الحديد. وهذا البيت [استشهد⁣(⁣١)]: به سيبويه⁣(⁣٢) في الحمل على الموضع. والطعن ليس بمتجه، لأن سيبويه قد سمع هذا البيت ممن يصح الاحتجاج بقوله مع أبيات أخر منصوبة القافية، وقبلها:

  ١٠٦ - أقيموها بني حرب إليكم ... ولا ترموا بها الغرض البعيدا⁣(⁣٣)

  إلى أن أتى إلى قوله:

  ١٠٧ - ... ... فلسنا بالجبال، ولا الحديدا

  وها أنا أبين لك هذه القاعدة، لكن ننهاك عن الإقدام على الطعن في هذه الأبيات. أعني أبيات سيبويه، وذلك، لأن البيت ربما يقوله قائله على وجه، ثم العرب تنشده على ما يصح في لغتها، وإن لم يكن على الجهة التي قالها قائله. فسيبويه يسمعه من العرب على ما يصح في لغتها، فيصح له الاحتجاج به، لأن من سمعه منه قوله حجة، وإنشاده صحيح. ألا ترى أنه قد احتج في ترخيم معاوية، أنه يجوز ذلك بعد حذف التاء، حذف الياء، فتقول: يا معاو أقبل. وقد أنشد [٤٦ / أ] في ذلك [قول الشاعر]:

  ١٠٨ - فقد رأى الرّاؤون غير البطّل ... أنّك يا معاو يا ابن الأفضل⁣(⁣٤)

  والذي في بيت العجاج:

  ١٠٩ - إنّك يا يزيد يا ابن الأفضل

  ولكن سمعه من العربي الذي قوله حجة، كقول العجاج. ثم إن طعن الطاعن في قوله:

  ١١٠ - يا معاو يا ابن الأفضل

  لا يصح، حيث يقول: إنه حذف التاء فحسب، وإنه بقي: يا معاوي. فقال:

  ١١١ - يا معاوي ابن الأفضل

  وليس على: يا معاوي، ثم نداءات أخر، لأن ما قاله سيبويه، محتمل. وإذا احتمل، وانضم إلى ذلك [قول الشاعر]:

  ١١٢ - أيا بجي، أيا بجي ... إن أخي غير دعي⁣(⁣٥)

  يريد: يا بجيلة، فحذف اللام بعد حذف التاء، فافهمه. ثم إن بيت عقبة الأسدي، شاهد في الحمل على الموضع. ولم يقنع به سيبويه، بل ضم إلى ذلك أبياتا أخر، منها قول [الشاعر]:


(١) الأصل غير واضح.

(٢) الكتاب ١: ٦٧.

(٣) سبق ذكره رقم (١٠٤).

(٤) من الرجز، للعجاج، في: ديوانه ١٦٣، ١٦٤، والكتاب ٢: ٢٥٠، والتحصيل ٢٢٧.

وبلا نسبة في: الخصائص ٣: ٣١٦، والخزانة ٢: ٣٧٨.

(٥) من مجزوء الرجز. لم أهتد إلى قائله.