باب لا، في النفي
  بالنصب على هذا(١). وجاء عن الأعمش(٢) مجرورا(٣) (علّام الغيوب) فحمله على قوله: {قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ}(٤) (علّام الغيوب) (ومن لم يشكر النّاس لم يشكر الله)(٥). [قال أبو الفتح]: وتشبّه لا، ب (إنّ).
باب لا، في النفي
  اعلم أن (لا) تنصب النكرة، بلا تنوين ما دامت تليها. وتبنى مع ما بعدها على الفتح كخمسة عشر [٥٣ / ب] تقول: لا رجل في الدار، ولا غلام لك.
  [قلت]: اعلم أن (لا) تبنى مع ما بعدها بناء خمسة عشر، وذلك لأنه جواب قائل قال: هل من رجل في الدار؟. فجوابه: لا رجل في الدار. لأن قولك: هل من رجل في الدار، (من) فيه لاستغراق الجنس، مثلها في قولك: ما جاءني من رجل. وقوله ø: {ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}(٦) و {وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ}(٧). فكما أن (من) هاهنا، لاستغراق الجنس، وهو مع المجرور كالشيء الواحد، لا يجوز الفصل بينهما، فكذلك جوابه: لا رجل في الدار، يكون قولك: لا رجل، نفيا عاما لاستغراق الجنس، لأنهم مما يطابقون بين السؤال، والجواب، فيحافظون في الجواب، ما كانوا يحافظونه في السؤال. ألا ترى أن قولهم: من زيد؟ في جواب من قال: مررت بزيد، وذلك، إذا قلت: تعال، وتغدّ، فقال لك: والله، لا أتغدّ. ينصرف الكلام إلى هذا المتغدي المدعوّ إليه، مراعاة بين الكلامين. وهذا أكثر من أن أحصيه لك. واعلم أن (لا)، هذه إذا بني مع ما بعدها، على الفتح، لم يجز أن يتقدم عليها ما في حيزها بتة. ألا ترى أنهم قالوا في قوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}(٨): أن نصب قوله (يوم يرون) محمول على مضمر. وتقديره: يحزنون يوم يرون، أو يندمون يوم يرون. ولا يحمل على بشرى يومئذ. ولا يقال التقدير فيه: لا بشرى للمجرمين [يوم](٩) يرون الملائكة، لأن هذا، وإن كان يصح في المعنى، ففي اللفظ فاسد.
  لأن (لا) هذه مشبهة ب (إنّ). فكما لا يجوز: طعامك إنّ زيدا آكل، على تقدير: إنّ زيدا آكل طعامك، فكذا هاهنا. فعند أبي الحسن: أنّ (لا) أعملت، كما أعملت (إنّ). فخبر (لا) يرتفع
(١) قرأ بها: عيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق، ينظر: إعراب القرآن - للنحاس ٢: ٦٨٠، ومختصر في شواذ القرآن ١٢٢، وتفسير القرطبي ١٤: ٣١٣.
(٢) هو: أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش (ت ١٤٨ هـ). أخذ القراءة عن: إبراهيم النخعي، وزر بن حبيش، وزيد بن وهب، وعاصم بن أبي النجود، وأخذ منه القراءة: حمزة الزيات، وأبان بن تغلب، وغيرهما. قال هشام: ما رأيت بالكوفة أحدا أقرا لكتاب الله ø من الأعمش.
ينظر: غاية النهاية ١: ٣١٥ - ٣١٦.
(٣) لم أجد من قرأ بها.
(٤) ٣٤: سورة سبا ٣.
(٥) سنن الترمذي ٤: ٢٩٩.
(٦) ٧: سورة الأعراف ٥٩.
(٧) ٥: سورة المائدة ٧٣.
(٨) ٢٥: سورة الفرقان ٢٢.
(٩) الأصل غير واضح.