كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب لا، في النفي

صفحة 168 - الجزء 1

  عنده، كما يرتفع خبر (إنّ). وعند سيبويه⁣(⁣١)، أنّ قولك: لا رجل أفضل منك، يرتفع أفضل، كما يرتفع خبر المبتدأ. وفائدة هذا الخلاف تظهر في قوله: {لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ}⁣(⁣٢) لأن (فيها)، عند سيبويه، خبر للاسمين. أعني: لغوا وتأثيما، لأنّ (لغوا) مبتدأ، ولا تأثيم في موضع المبتدأ. وسد (فيها) مسد الخبرين.

  وعند أبي الحسن يرتفع (فيها) [٥٤ / أ] على أنه خبر أحد الاسمين، وخبر الآخر مضمر كما [قال الشاعر]:

  ١٣٧ - نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف⁣(⁣٣)

  أي: [نحن]⁣(⁣٤) بما عندنا [راضون]⁣(⁣٥) و «أنت]⁣(⁣٦) بما عندك [راض]⁣(⁣٧) [وقال الآخر]:

  ١٣٨ - رماني بأمر كنت منه، ووالدي ... بريئا. ومن جول الطّويّ رماني⁣(⁣٨)

  أي: كنت منه بريئا، ووالدي بريء، ولم يذكر. وقال عز من قائل: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}⁣(⁣٩) أي: الله أحق أن يرضوه، ورسوله كذلك، ولم يذكر. والفارس⁣(⁣١٠)، كأنه يقوّي قول أبي الحسن. وإذا ثبت هذا ف (لا) هذه، غير جائز فيها تقديم ما في حيزها عليها، وليست مثلها في قولهم: أنت زيدا إلا ضارب. على تقدير: أنت لا ضارب زيدا. وقولهم: جئت بلا شيء.

  [وقول الشاعر]:

  ١٣٩ - إذا ما أدلجت وصفت يداها ... لها إدلاج ليلة لا هجوع⁣(⁣١١)

  و:

  ١٤٠ - ... ... أمسى ببلدة لا عمّ، ولا خال⁣(⁣١٢)


(١) الكتاب ٢: ٢٧٤ - ٢٧٦.

(٢) ٥٢: سورة الطور ٢٣.

(٣) البيت من المنسرح، لقيس بن الخطيم في: ملحق ديوانه ١٧٣، والكتاب ١: ٧٥، والتحصيل ٩٢. وعزاه الفراء، في معاني القرآن إلى مرار الأسدي ٢: ٣٦٣، ولدرهم بن زيد الأنصاري في الإنصاف ١: ٩٥، ولعمرو بن امرئ القيس في الخزانة ١٠: ٢٩٥، ٤٧٦.

وبلا نسبة في: المقتضب ٣: ١١٢، والمذكر والمؤنث ٦٧٧، وشفاء العليل ١: ٢٧٤.

ورواه الشارح في الأصل:

أنت بما عندنا، ونحن بما ... عندك، راض والرأي مختلف

وهذه الرواية لا تحقق مراد الشاعر.

(٤) في الأصل: أنت.

(٥) في الأصل: راض.

(٦) في الأصل: نحن.

(٧) في الأصل: راضون.

(٨) البيت من الطويل، لعمرو بن أحمر الباهلي، في ديوانه ١٨٧، والكتاب ١: ٧٥، والتحصيل ٩٢، وله، أو للأزرق بن طرفة بن العمرد الفراصي في اللسان (جول) ١١: ١٣٢.

وبلا نسبة في: المذكر والمؤنث ٦٧٨، والجمل ١: ٤٢٠، وهمع الهوامع ٢: ٨٤.

والجول: ناحية البئر. الطوي: البئر

(٩) ٩: سورة التوبة ٦٢.

(١٠) يعني به: أبا علي الفارسي.

(١١) البيت من الوافر، لم أهتد إلى قائله.

(١٢) البيت من البسيط، لم أهتد إلى قائله.