كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الحال

صفحة 207 - الجزء 1

  الفعل، يضعف عمل الفعل فيه، مع قوة تصرف الفعل. وذلك، نحو قوله: {وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى}⁣(⁣١). فيمن رفع (وكلا)⁣(⁣٢)، وهو ابن عامر.

  وقال الشاعر:

  ١٨٥ - قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي ... عليّ ذنبا، كلّه لم أصنع⁣(⁣٣)

  برفع (كل). وإذا كان هكذا، وكان الحال يشبه المفعول به، لم يعمل فيه المعنى، متقدما، كما ذكرنا في المفعول به. وقد وقع في بعض النسخ بيت جرير، أنشده، شاهدا لجواز قولهم: زيد في الدار، قائما. [قال جرير]:

  ١٨٦ - هذا ابن عمّي في دمشق، خليفة ... لو شئت ساقكم إليّ قطينا⁣(⁣٤)

  فنصب (خليفة) على الحال من الضمير في الظرف، وهو قوله (في دمشق).

  ومما ينتصب على الحال، قولهم: ضربي زيدا، قائما. وأكثر شربي السويق، ملتوتا. وأخطب ما يكون الأمير، قائما. وهذا بسرا، أطيب منه، تمرا. وقوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣(⁣٥). [وقول الشاعر]:

  ١٨٧ - الحرب أوّل ما تكون فتيّة ... تسعى ببزّتها لكل جهول⁣(⁣٦)

  فقولهم: ضربي زيدا قائما. فضربي: مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى الفاعل. وزيدا: نصب، مفعول ضربي. وقائما: نصب على الحال. ولا يخلو انتصابه على الحال، من أن يكون حالا من الياء، أو من زيد، أو من شيء آخر. فلا يجوز أن يكون حالا من الياء، ولا من زيد، لأنه إذا كان حالا من واحد منهما، كان في صلة المصدر. ولم تكن لتذكر خبر المبتدأ، ولا ما يسد مسده.

  فإذن، هو حال من مقدر، والتقدير: ضربي زيدا إذا كان قائما. فقائما. حال من ضمير مرفوع، في فعل مجرور بإضافة ظرف منصوب باسم فاعل مرفوع، هو خبر المبتدأ. والتقدير: ضربي زيدا كائن إذ كان قائما. ف (قائما) حال من الضمير في (كان). وكان: فعل في موضع الجر، بإضافة (إذ) إليه. وإذ: ظرف منصوب ب (كائن) المضمر، وهو خبر ضربي. وكان، هاهنا، [٧٥ / أ]


(١) ٤: سورة النساء ٩٥.

(٢) البحر المحيط ٣: ٣٣٣، وهمع الهوامع ٢: ١٦.

(٣) من الرجز، لأبي النجم العجلي، في: الكتاب ١: ٨٥، والتحصيل ٩٩، ٣١٣، ودلائل الإعجاز ١٥، والمغني ١: ٢٠١.

وبلا نسبة في: المقتضب ٤: ٢٥٢، وابن يعيش ٢: ٣٠، وشفاء العليل ١: ٢٩٢.

(٤) البيت من الكامل. في: ديوانه ٥٧٩.

القطين: الرقيق.

(٥) ٣٩: سورة الزمر ٦٧.

(٦) البيت من الكامل، لعمرو بن معديكرب، في: ديوانه ١٥٦، والكتاب ١: ٤٠١، والتحصيل ٢٢٩، والعقد ١: ٩٤.

وبلا نسبة في المقتضب ٣: ٢٥٠.