كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الإضافة

صفحة 244 - الجزء 1

  بالإضافة.

  [وأما التنكير]: فتقول: هذا الغلام، ثم تقول: هذا غلام امرأة، فتنكر.

  [وأما الاستفهام] فلأنك تقول: أيّهم تضرب. فتنصب (أيّهم) ب (تضرب). ولا يجوز: تضرب أيّهم، لأن الاستفهام: لا يعمل فيه ما قبله. وكذلك إذا أضفت إلى (أي) قلت: غلام أيّهم تضرب. تنصب (غلام أيهم) ب (تضرب). [٩٥ / أ]. ولو قلت: تضرب غلام أيهم، لم يجز، لأن المضاف قد اكتسى من (أيهم) معنى الاستفهام، وحكمه، فلا يجوز فيه، ما لا يجوز في (أيّ).

  [وأما العموم] فقولك: نعم الرجل زيد. ففاعل (نعم) اسم معرّف باللام. واللام لاستغراق الجنس، فإذا أضفت إلى هذا الاسم، قلت: نعم غلام الرجل عمرو، فيكتسي المضاف معنى العموم من المضاف إليه، فيسند إليه (نعم).

  و «أما معنى] الجزاء، فإنك تقول: غلام من تضرب فله درهم. فتنصب (غلاما) ب (تضرب) الذي هو الشرط، ولا تنصبه بالجزاء.

  لا يجوز: غلام من تضرب أضرب، فيكون منصوبا، ب (أضرب). لأن ما يعمل في الشرط لا ينتصب بالجواب. فكذا ما أضيف إليه، لأن المضاف قد اكتسى منه حكمه.

  [فإن قلت]: لم زعمتم: أنه يجوز: غلام من تضرب فله درهم، وأضفتم إلى الشرط الذي هو (من تضرب). وقد زعم سيبويه⁣(⁣١) أنه لا يجوز؟!. أتذكر، إذ من يأتنا فأته، بإضافة (إذ) إلى الشرط والجزاء فهذا منكم مناقضة لأصله.

  [الجواب]: في هذا، أنه أجاز، أيضا: غلام من تضرب أضرب، بالإضافة إلى الشرط، وإن لم يجز إضافة (إذ) و (إذا) إليهما. والفصل بينهما من دقائق أبي علي⁣(⁣٢). ولم يذكره أبو سعيد، ولا غيره. ولو لا أني شرطت أن لا أكتمك ما منحنيه ربي، لكان بالأحرى كتمان هذه الدقيقة. فنقول: أما على مذهب أبي إسحاق الزيادي، فلا فرق بين المسألتين، وأنّ (إذ) و (إذا) يضافان إلى (من) كإضافة غلام.

  وأما على مذهب سيبويه: فإنه مستكره إضافة (إذ) و (إذا) إلى الشرط⁣(⁣٣). فقال أبو سعيد: هذه رواية عن العرب، ولم يزد على هذا.

  وقال أبو علي⁣(⁣٤): إنما لم يجز عنده: أتذكر، إذ من يأتنا نأته، بإضافة (إذ) إلى ما بعده، لأن


(١) الكتاب ٣: ٧٥.

(٢) المسائل المشكلة ٢٩٤، ٢٩٥.

(٣) الكتاب ٣: ٧٥، ونصه: " وإنما كرهوا الجزاء هاهنا، لأنه ليس من مواضعه، ألا ترى أنه لا يحسن أن تقول: أتذكر إذ إن تأتنا نأتك". وقال في ٣: ٥٦: " ولا يكون الجزاء في (حيث) ولا في (إذ) حتى يضم إلى كل واحد منهما (ما) ".

(٤) المقتصد ٢: ١١١٢، ١١١٥، إذ ذهب أبو علي إلى أن (إذ) لا يجازى بها حتى تلزمها (ما)، لأن (إذ) ظرف يضاف إلى الجمل، وفعل الجملة بعدها في تأويل المصدر، فكيف عن الإضافة ب (ما) إذا قصد المجازاة به، ليكون فعل الشرط واقعا عند الابتداء، وصدر الكلام، لا مضافا.