كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

معرفة ما يتبع الاسم في الإعراب

صفحة 248 - الجزء 1

  فالفاء هو على جهة الشرط، والجزاء. وليس لك في الآية حجة، يا أبا الحسن⁣(⁣١). وأما أجمعون، فإنه لم يل العامل، لأنهم لم يستعملوه. والقياس لا يمنع من ذلك. فهذا بمنزلة الأمثال التي تحكى، ولا تغير، من جهة السماع.

  [قال أبو الفتح]: ولا تكون الصفة إلا من فعل، أو راجع إلى معنى الفعل. فالذي من الفعل، كقولك: مررت بزيد الظريف. فالظريف: مشتق من (ظرف). والذي هو راجع إلى معنى الفعل، [٩٧ / أ] قولك: مررت برجل أبي عشرة. فقولك: أبو عشرة: راجع إلى معنى الفعل. كأنك قلت: مررت برجل والد عشرة. وكذلك: مررت برجل خزّ صفة سرجه. أي ليّن صفة سرجه. وإذا ذكرت موصوفا، وأتبعته صفات شتى، فلك أن تتبعها الموصوف، وأن تقطعها منه. كقولك: مررت بزيد الأديب الفاضل الكريم، لك: الجر، على الإتباع، والنصب على المدح. على تقدير: أمدح وأخص. والرفع على المدح، على تقدير: هو الأديب الفاضل. [قال الشاعر]:

  ٢٤٥ - لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة، وآفة الجزر

  النّازلين بكلّ معترك ... والطيّبون، معاقد الأزر⁣(⁣٢)

  لك رفع (النازلين) و (الطيبين): على الإتباع، ونصبهما: على المدح. ورفع الأول، ونصب الثاني، ونصب الأول، ورفع الثاني، كما بينا. وقد جاء: {لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ}⁣(⁣٣) إلى أن قال: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} فنصب على المدح. ثم قال: {وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ} فرفع على المدح.

  وجاء: {وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ}⁣(⁣٤) إلى قوله: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ} فرفع على المدح. ثم قال: {وَالصَّابِرِينَ} فنصب على المدح. وإن قلت: إنّ رفع قوله: {وَالْمُوفُونَ} بالعطف على: {مَنْ آمَنَ} فليس في: (الصابرين) إلا النصب على المدح. وإن زعمت أنّ: (الصابرين)، عطف على المنصوب، وهو: {ذَوِي الْقُرْبى}، فقد أفسدنا ذلك فيما تقدم، وسنفسده في باب الموصول، إن شاء الله.

  [قال أبو الفتح]: والأسماء المضمرة لا توصف⁣(⁣٥)، لأنها إذا أضمرت، فقد عرّفت، ولم تحتج إلى الوصف لذلك. هذا كما قال⁣(⁣٦): لو قلت: مررت به المسكين، وجعلت المسكين صفة للهاء، لم يجز، لأن الهاء، في غاية الإيضاح، والبيان، فلو احتاج إلى الوصف، لكان إظهاره أولى من إضماره. [فإن قلت]: فقد جاء: {لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}⁣(⁣٧). فجعل (العزيز الحكيم) وصفا ل (هو). [قلت ليس] بوصف، لأنه يمكن أن يكون بدلا من (هو) أو خبر مبتدأ. فلا احتجاج


(١) أي: الأخفش.

(٢) البيتان من مرفل الكامل، للخرنق بنت هفان، في: ديوانها ٢٩، والكتاب ١: ٢٠٢، ٢: ٥٧، ٥٨، ٦٤، والإنصاف ٢: ٤٦٨، والأشموني ٤: ٣١٩، والخزانة ٥: ٤١، ٤٢، ٤٤. وبلا نسبة في: معاني القرآن - للفراء ١: ١٠٥.

(٣) ٤: سورة النساء ١٦٢.

(٤) ٢: سورة البقرة ١٧٧.

(٥) الكتاب ٢: ١١.

(٦) أي: سيبويه. الكتاب ٢: ٧٦.

(٧) ٣: سورة آل عمران ٦.