معرفة ما يتبع الاسم في الإعراب
  فيه. فالمضمر لا يوصف، لاستغنائه عن الوصف. وقوله: بذكر معنى في الموصوف: يعني: [٩٧ / ب] الظريف بعد زيد، وهو ذكر للظرافة في الموصوف. وقوله: أو بشيء من سببه. يعني نحو قوله تعالى: {رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها}(١) ف (الظالم) صفة للقرية، وهو فعل أهلها.
  وجاز، لأن (أهلها) مضاف إليها. وقد قدمنا ذلك في باب الإضافة، وهو باب حسن الوجه.
  [قال أبو الفتح]: وتقول: هذا رجل مثلك، ونظرت إلى رجل شبهك، وشرعك، وغيرك.
  وهذا رجل ضارب زيد، وشاتم بكر، فتجري هذه الألفاظ، أوصافا على النكرات، وإن كن مضافات إلى المعارف. لتقديرك فيهن الانفصال، وأنهن لا يخصّصن شيئا بعينه.
  أما (مثلك) و (غيرك)، وأخواتها، فنكرات لا يتعرفن بالإضافة. وذلك، لأنك إذا قلت: هذا رجل مثلك، فإنه يماثلك في وجوه شتى، وله أمثال أخر. فالإضافة لا تكسوه تعريفا. وكذلك، إذا قلت: هذا رجل غيرك، فإن له أغيارا كثيرة. وإذا كان كذلك، لم يتعرف بالإضافة، وجاز جريه على النكرة.
  [فإن قلت] فقد قال الله تعالى: {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}(٢)، فجر (غير) وصفا ل (الذين) و (الذين) معرفة. وقال: {لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}(٣)، فمن رفع(٤) جعله: وصفا ل (القاعدين) ومن جره(٥) جعله: وصفا ل (المؤمنين).
  وكل ذلك معارف.
  [الجواب]: أنّ الجر في (غير المغضوب) قيل: هو على البدل. وبدل النكرة من المعرفة جائز.
  وقيل: هو صفة ل (الذين). فمن قال هذا، فله جوابان: أحدهما: قول النحاة: من أن (الذين) وإن كان معرفة فليس مقصودا. قصدهم: ففيه الشيوع، والعموم. وجاء (غير) وصفا له. وقال أبو بكر(٦): إن (غيرا) إنما يكون نكرة، إذ كان هناك أغيار. فأما إذا قلت: مررت بالمسلم غير الكافر، فليس غير المسلم إلا الكافر، فللمسلم ضد واحد، والمنعم عليه ضد واحد، وهو: المغضوب عليه. فقد تعرف (غير) هاهنا، فجاز جريه وصفا عليه. وكذا الآية: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} إما أن يكون على البدل، أو [٩٨ / أ] يكون (القاعدون) غير مخصوصين، وكذا الجر.
  فأما قولهم: ما أحسن بالرجل مثلك أن يفعل كذا. فقد قيل: إنّ الرجل لا يراد به واحد بعينه، فجرى (مثل) وصفا عليه. وقد قيل: الألف، واللام زائدة. وقد ذكرناه في (الخلاف). وأما اسم الفاعل في نحو: هذا رجل ضارب زيد، فقد استقصيناه في الباب المتقدم.
  واعلم أن النكرة توصف بالجملة، من المبتدأ والخبر، والفعل، والفاعل. قال الله تعالى:
(١) ٤: سورة النساء ٧٥.
(٢) ١: سورة الفاتحة ٧.
(٣) ٤: سورة النساء ٩٥.
(٤) وهي قراءة العامة.
(٥) وهما: أبو حيوة، والأعمش. إعراب القرآن - للنحاس ١: ٤٤٧، والكشاف ١: ٥٥٥، وتفسير القرطبي ٥: ٣٤٣، والبحر المحيط ٣: ٣٣٠.
(٦) أي: أبن السراج. مجمع البيان ١: ٢٩.