باب النكرة والمعرفة
  أن لهم حورا عينا. فكأنه قال، بعد قوله: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} (٢١)(١): ولهم حور عين. وأنشد لصحة هذا [قول الشاعر]:
  ٢٨٩ - بادت، وغيّر آيهنّ من البلى ... إلا رواكد، جمرهنّ هباء
  ومشجّج. أمّا سواء قذاله ... فبدا، وغيّر ساره المعزاء(٢)
  فرفع (مشججا) ولم يعطفه على (رواكد) حملا على المعنى. أي: وهناك مشجج. فكذا، هاهنا، وهو كثير واسع.
  [قال أبو الفتح]: وأما الأعلام: فما خص الواحد من جنسه، فجعل علما له، نحو: عبد الله، وزيد، وعمرو. وكذلك: الكنى، نحو: أبي محمد، وأبي علي. وكذلك: الألقاب، نحو: أنف الناقة، وعائذ الكلب.
  [قلت]: الأعلام على ثلاثة أقسام: منقول، ومشتق، واسم جنس من جملة الأجناس.
  فالمنقول، نحو: حجر، ومدر، إذا سميت به، نقلته من بابه، إلى العلم.
  والمشتق، نحو: العباس، والقاسم، والهاشم. أصل هذا أن يكون صفة. تقول: مررت برجل عباس، وبرجل قاسم، وبرجل هاشم. فجعلته علما، وبقّيت فيه رائحة الصفة. فيجوز أن يستعمل معه اللام، وإن كان علما كما يستعمل معه حين كان وصفا. وكذلك: الفضل. كان في الأصل مصدرا، فلما نقلته استجيز فيه اللام. لأنّ المصادر، تجري مجرى الفاعلين.
  وأما القسم الثالث، فنحو: أبي الحارث، وأسامة، للأسد، وثعالة، وجيئل للضبع، وابن قترة للحيات(٣) [١١٣ / ب]، وابن آوى، وابن عرس. فهذه الأسماء معارف، بمنزلة الأعلام. يدل على أنها معارف، قولهم: ابن آوى، فلا تصرف (آوى) لأنه على وزن (أفعل) معرفة، فلم ينصرف لهذا. ولو كانت نكرة، لكان مصروفا. وتقول: هذا ابن آوى، مقبلا، فتنصبه على الحال، ولا تجعله صفة لابن آوى، لأن (ابن آوى) معرفة، ومقبلا: نكرة. والمعرفة لا توصف بالنكرة. قال سيبويه(٤): " وقد قال بعضهم: هذا ابن عرس مقبل، بالرفع، توهّم في ابن عرس التنكير، كما يتوهم، في الأعلام، إذا قلت: مررت بعثمان، وعثمان آخر".
  [واعلم]: أنّ الأعلام، والكنى، والألقاب، لها اختصاص، ليس لسائر الأسماء في كلامهم.
  وذلك لأن شيئا منها، إذا وصف بابن مضاف إلى مثله، يترك التنوين، في الموصوف، ولا يكتب الألف في ابن، ويفتح الحرف الأخير منه، في النداء، إتباعا للنون. تقول: هذا زيد بن عمرو، وزيد بن أبي محمد، وزيد بن كرز، وكرز بن زيد، وكرز بن أبي محمد، وكرز بن وبرة، وأبو محمد بن زيد، وأبو محمد بن أبي محمد، أبو محمد بن كرز. ويا زيد بن عمرو، ويا زيد بن كرز،
(١) ٥٦: سورة الواقعة ٢١.
(٢) البيتان من الكامل، للشماخ، في ملحق ديوانه ٤٢٧، ٤٢٨.
وبلا نسبة في: ١: ١٧٣، والتحصيل ١٣٩، والخزانة ٥: ١٤٧.
(٣) الكتاب ٢: ٩٥.
(٤) الكتاب ٢: ٩٧.