باب النكرة والمعرفة
  (عزيرا) لا ينصرف، للتعريف والعجمة. فأما قوله تعالى: {يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً}(١)، فإن (ابنا) هنا، ليس بوصف لعيسى [ولك](٢)، كتب الألف، لأنه قال: (اسمه المسيح عيسى)، وهو ابن مريم. فهو خبر مبتدأ، أو عطف بيان، وليس بوصف. فهذا ما يختص بهذه الأعلام.
  ومنها الحكاية: إذا قلت: رأيت زيدا، فيقال: من زيدا؟ ومررت بزيد: من زيد؟ ورأيت أبا محمد: من أبا محمد؟ ولا يجوز هذا في غيره. وكذلك قال: قالوا: حيوة، فأظهروا الواو، ولم يقولوا: حية، كما قالوا: ميّت، وقالوا: ثهلل، ولم يدغموا، لأنه علم، وللأعلام عندهم حرمة، ليست لسائر الأسماء، ولهذا جاء: علي بن أبو طالب، فلم يغيروا، لأنه كنية، وللكنية، والعلم، واللقب أحوال ليست لغيرها.
  [قال أبو الفتح]: وأما أسماء الإشارة ف (هذا) للحاضر. والتثنية في الرفع (هذان) وفي الجر، والنصب (هذين) و (هاتين) و (تلك) و (تيك)، و (تانك) و (تينك) والجمع (هؤلاء) ممدود، ومقصور. و (ها) في جميع هذا: حرف، معناه: التنبيه، وإنها تلحق (ذا) وغيرها، من نحو قوله: {ها أَنْتُمْ أُولاءِ}(٣). و" ها السّلام عليكما". وإنما [١١٤ / ب] الخلاف في (ذا). فعندنا، ذا: اسم للمبهم، إشارة إلى الحاضر. وهو مبني، ووزنه: فعل. وعينه، ولامه ياءان. وأصله: ذيي. وعند الكوفيين: الألف زائدة، والاسم الذال، وحدها(٤)، وهو خطأ، لأن ذا، لا يخلو: إما أن يكون اسما مظهرا، أو مضمرا. ولا يجوز أن يكون مضمرا، لأنه يوصف، ويوصف به. تقول: مررت بهذا الرجل، فتصفه بالرجل، ومررت بزيد هذا، فتصف زيدا ب (هذا) لأن معناه: مررت بزيد الحاضر. وإذا كان كذلك، لم يجز أن يكون مضمرا، لأن المضمر لا يوصف، ولا يوصف به. فإذا لم يكن مضمرا كان مظهرا، وإذا كان مظهرا، لم يكن على حرف واحد، إذ ليس في الأسماء المظهرة اسم على حرف واحد، فثبت أن الألف في (ذا) من نفس الكلمة، وأنه لام الفعل، وأن عينه محذوفة، لما أذكره لك في باب التحقير(٥)، إن شاء الله.
  والكاف: للخطاب، أعني الكاف في (تلك) و (تيك) لا محل لها من الإعراب، لأنها لو كانت اسما، لكانت مجرورة بالإضافة، كالكاف في (غلامك) و (دارك) ولو كانت كذلك، لم يجز ثبات النون معها في نحو قوله تعالى: {فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ}(٦)، كما لم تثبت في قولك: هذان غلاماك. فثبات النون يدل على أن الكاف، لا محل لها من الإعراب. ولو كان للكاف موضع إعراب، لكانت مجرورة. ولو كانت مجرورة، لجاز: ذاك نفسك، بالتأكيد. فلما لم يجز، وأجمعوا
= والكشف - للقيسي ٢: ٣٩١، ومجمع البيان ١٠: ٥٦٢، وتفسير الرازي ٣٢: ١٧٩، وتفسير القرطبي ٢٠: ٢٤٤، والبحر المحيط ٨: ٥٢٨.
(١) ٣: سورة آل عمران ٤٥.
(٢) الأصل غير واضح
(٣) ٣: سورة آل عمران ١١٩.
(٤) ابن يعيش ٣: ١٢٧.
(٥) أي: التصغير.
(٦) ٢٨: سورة القصص ٣٢.