باب النكرة والمعرفة
  يلزمه مال واحد، لأنه تكرار. وكذا في الصلاة: صل الركعتين: صل ركعتين. وكذا: صل الركعتين: صل الركعتين. فهذه أربع مسائل تدور على هذه النكتة. وكذا: صم يوما: صم اليوم. وصم اليوم: صم اليوم. وصم يوما: صم يوما. وصم اليوم: صم يوما. فاعرفه.
  [الثالث]: أن تكون الألف، واللام، بمعنى (الذي). وذلك في نحو قوله تعالى: {رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها}(١)، أي: التي ظلم أهلها. وقال: {فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ}(٢)، أي: الذين قست قلوبهم. ويأتي هذا في باب الموصول، إن شاء الله.
  [الرابع]: أن يكون الألف، واللام، زيادة في الكلام. وذلك مثل قولهم [١١٦ / أ]: اليزيد بن الوليد، وبنات الأوبر، والخمسة العشر. اللام في هذه زائدة، لأن (يزيد) علم. وكذلك (بنات الأوبر) لضرب من الكمأة، وكذلك (الخمسة العشر) يتعرف بالأولى. والثانية زيادة. والألف، واللام في (الذي) زائدة، لأن تعريفها بالصلة، كما أن تعريف (من) و (ما) كذلك. وقد جاء طرح الألف، واللام منه. روي: (صراط ذين أنعمت عليهم)(٣)، بحذف اللام، لما كانت زيادة، وأظنه عن الحسن(٤).
  واختلف سيبويه، والخليل في هذه الألف، واللام. فقال سيبويه: اللام للتعريف، وحدها، والألف وصل. وقال الخليل: الألف، واللام جميعا، للتعريف. وكان يقول: إن (أل) للتعريف، كما أن (قد) للتوقع، و (هل) للاستفهام(٥). واحتج في ذلك، بقول الشاعر [وهو عبيد بن الأبرص]:
  ٢٩٣ - يا خليليّ، اربعا، واستخبرا آل ... منزل الدارس من أهل الحلال
  مثل سحق البرد، عفّى بعده ال ... قطر مغناه، وتأويب الشمال(٦)
  في قصيدة، عدتها بضعة عشر بيتا. فقطع الألف، واللام عن الاسم، كما قطع النابغة (قد) [في قوله]:
  ٢٩٤ - أفد الترحّل، غير أنّ ركابنا ... لمّا تزل، برحالنا، وكأن قد(٧)
  أي: وكأن قد زالت. فعلم أن (أل) ك (قد). والألف بإزاء القاف من (قد) والهاء من (هل). وحيث حذف، حذف لكثرة الاستعمال، لا لأنها وصل. ألا ترى: أنها لو كانت وصلا،
(١) ٤: سورة النساء ٧٥.
(٢) ٣٩: سورة الزمر ٢٢.
(٣) ١: سورة الفاتحة ٧.
(٤) ليست عن الحسن، بل لأعرابي. مختصر في شواذ القرآن ١.
(٥) الكتاب ٣: ٣٢٤، ٣٢٥.
(٦) البيتان من الرمل، في: ديوانه ١١٥، والخصائص ٢: ٢٥٥، وابن يعيش ٩: ١٧، والخزانة ٧: ١٩٨، ٢٠٥، ٢٠٦، ٢٠٧، ٢٠٨.
(٧) البيت من الكامل، في: ديوانه ٣٠، والمغني ١٧١، والخزانة ٧: ١٩٧، ١٩٨، ٩: ٨، ١٠: ٣٩٤، ٤٠٧، ١١: ٢٦٠. وبلا نسبة في: الخصائص ٢: ٣٦١، ٣: ١٣١، وابن يعيش ٨: ١١٠، ١٤٨، ٩: ١٨، ٥٢، وابن عقيل ١: ١٩، والأشموني ١: ١٣.