كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الشرط وجوابه

صفحة 303 - الجزء 1

  أي: ما طبّنا جبن.

  [وأما: ما]: فعلى تسعة أوجه: أربعة منها حروف، وخمسة منها أسماء. فأما الأسماء: ف (ما) الاستفهام، كقولك: ما عندك؟. أي: أيّ شيء عندك؟. قال الله تعالى: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} (٣)⁣(⁣١). ف (ما) رفع بالابتداء. ويدريك: في موضع خبره [وبقي أربعة أوجه]:

  [الأول]: أن يكون (ما) خبرية، بمعنى (الذي). كقولك: أخذت ما عندك. أي: الذي عندك، وهي لما لا يعقل، ولمن يعقل.

  [الثاني]: أن يكون (ما) للتعجب، كقولك: ما أحسن زيدا. ف (ما) نكرة، في تقدير: شيء؛ أي: شيء أحسن زيدا. وهو مرفوع بالابتداء. وما بعده: خبره. وستراه مشروحا بعد ذا، إن شاء الله.

  [الثالث]: أن يكون (ما) موصوفة، كقوله تعالى: {هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ}⁣(⁣٢).

  ف (ما) هاهنا، بمنزلة شيء. وقوله: عتيد: صفته؛ أي: هذا شيء عتيد. ولا يجوز أن يكون (ما) هاهنا، بمعنى (الذي) لأنه إذا كان بمعنى (الذي) كان معرفة، ويكون في (لدي) ضمير يعود إليه، فينبغي أن يكون (عتيد) منصوبا، حينئذ، لأنه لا يكون (عتيد) نكرة، صفة لمعرفة؛ إذ المعرفة لا توصف بالنكرة، فيجب، حينئذ، أن تنصبه على الحال.

  [الرابع]: أن يكون (ما) كشيء، ليس بعده خبر، ولا صفة، البتة، كقوله تعالى: {فَنِعِمَّا هِيَ}⁣(⁣٣). أي: فنعم، شيئا، هي.

  وأما إذا كانت (ما) حرفا، فعلى أربعة أوجه:

  [الأول]: أنها إذا كان ما بعده في تقدير المصدر، كقوله تعالى: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (٢٤)⁣(⁣٤)؛ أي: سلام عليكم بصبركم. و (ما) هذه، حرف عندنا، خلافا للأخفش⁣(⁣٥)؛ لأنه بمنزلة (أن) كما أنّ (أن) مع [١٢٦ / ب] الفعل بتأويل المصدر، فكذا (ما). والذي زعمه الأخفش باطل؛ لأنه لا يكون اسم موصول بغير عائد، يعود عليه من صلته. وليس في قوله: (صبرتم)، عائد، يعود إلى (ما) لا ظاهرا، ولا مضمرا، [قال الشاعر]:

  ٣٠٦ - ... ... والكافون ما جرموا⁣(⁣٦)

  أي: جرمهم.

  [الثاني]: أن يكون (ما) كافة، تكفّ (إنّ) عن عملها. قال الله تعالى: {إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ


(١) ٨٠: سورة عبس ٣.

(٢) ٥٠: سورة ق ٢٣.

(٣) ٢: سورة البقرة ٢٧١.

(٤) ١٣: سورة الرعد ٢٤.

(٥) إذ قال باسميتها. ينظر: المغني ١: ٣٠٥.

(٦) قطعة بيت من البسيط. لزياد بن حمل وتمامه:

الواسعون إذا ما جر غيرهم ... على العشيرة والكافون ما جرموا

في: ديوان الحماسة: ٢: ١٥٢.