باب الشرط وجوابه
  قوله: {فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} جواب (أيّ).
  وأما (مهما) في نحو قوله: {وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا} [١٢٧ / أ] {بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}(١)، فإن فيه قولين:
  [الأول]: أنّ (مهما) هي (مه) التي معناها: اسكت، فضمّت إليها (ما). فحدث بالتركيب معنى الشرط والجزاء، كما حدث بالتركيب، امتناع الشيء لوجود غيره، في قولهم: لو لا زيد لهلك عمرو. وهذا المعنى كان معدوما، إذا كانت (لو) غير مركبة.
  [الثاني]: أنّ (مهما) أصله (ماما) ف (ما) الأولى: (ما) الشرط، في نحو قوله تعالى: {وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ}(٢). و (ما) الثانية، صلة وهي التي في نحو قوله تعالى: {فَبِما رَحْمَةٍ} وذلك لأن العرب، تزيد (ما) الصلة، في حروف الشرط في نحو قول الله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً}(٣). [قال الشاعر]:
  ٣٠٧ - زعمت تماضر أنّني إمّا أمت ... يسدد أبينوها الأصاغر خلّتي(٤)
  أي: إن أمت. فزادوا (ما) مع (إن) فكذا زادوها مع (ما). إلا أنهم استثقلوا تكرار لفظة (ما) في (مهما) فأبدلوا من الألف الهاء لقربها، منها. ألا ترى: أنهم قالوا: إيّاك، وهيّاك، وأرقت، وهرقت. وقالوا: أنا، وأنه.
  وأما (أين) فعلى ضربين:
  [الأول]: أن يكون استفهاما، كقولك: أين بيتك. فبيتك: مبتدأ. وأين: خبر مقدم.
  [الثاني]: أن يكون (أين) للشرط، والجزاء، كقولك: أين تكن أكن.
  [قال الشاعر]:
  ٣٠٨ - أين تصرف بنا الغداة تجدنا ... نصرف العيس نحوها للتّلاقي(٥)
  فجزم (تصرف) ب (أين). وهذه دلالة قاطعة تدل على بطلان قول أبي إسحاق: إنّ (أين) إنما يجازى بها إذا اتصلت ب (ما) في نحو قوله: {أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً}(٦). ألا ترى: أنه قال: أين تصرف، فجزم، وليس معه (ما) فعلم أنه هو الجازم. و (ما) مضمومة إليها، كما ضمت إلى (إن) في نحو قوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي}
  وأما (متى) فعلى ضربين: استفهام، وشرط. فالاستفهام، نحو قولك: متى الخروج؟.
  فالخروج: مبتدأ. ومتى: خبره. والشرط، [نحو قول الشاعر]:
(١) ٧: سورة الأعراف ١٣٢.
(٢) ٢: سورة البقرة ٢١٥.
(٣) ١٩: سورة مريم ٢٦.
(٤) سبق ذكره رقم (٤٣).
(٥) البيت من الخفيف، لعبد الله بن همام السلولي، في: الكتاب ٣: ٥٨، والتحصيل ٤٠٢.
وبلا نسبة في: المقتضب ٢: ٤٨، وابن يعيش ٤: ١٠٥، ٧: ٤٥. وقد رواه أكثرهم. صدره:
أين تضرب بنا العداة تجدنا ...
(٦) ٢: سورة البقرة ١٤٨.