كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب ما ينصرف وما لا ينصرف

صفحة 323 - الجزء 1

  قلبت إحداهما همزة، وأخّرت الألف التي كانت للتأنيث، لأن علامة التأنيث، لا تقع حشوا، وقلبت همزة، لالتقاء الساكنين.

  وكل اسم وقعت في آخره، واحدة من ألفي التأنيث، فإنه لا ينصرف، لا معرفة، ولا نكرة.

  وإنما لم ينصرف نكرة؛ لأنه مؤنث، وتأنيثه لازم. فكأن فيه سببين: فلزوم التأنيث نزّل منزلة سبب آخر.

  وأما المؤنث بغير علامة، فعلى ضربين، أيضا: ثلاثي، وما فوقها. فإن سميت المؤنث باسم مؤنث ثلاثي ساكن الأوسط، فأنت مخير في صرفه، معرفة، وترك صرفه. تقول: رأيت هند، وهندا، وكلمت جمل، وجملا. فمن لم يصرف، قال: لاجتماع السببين فيه، وهو: التعريف، والتأنيث. ومن صرفه، قال: إنما صرفته، لأنه ساكن الأوسط. قال: وسكون أوسطه في غاية الخفة. فلما كان في غاية الخفة، عورض السكون، بسبب من السببين. قال: فلما عورض بسبب، كان كأنّ ذلك السبب قد سقط، فلم يبق إلا سبب واحد. والسبب الواحد لا يمنع الصرف.

  وأما إذا كان متحرك الأوسط، فبالإجماع من النحاة. والعرب لا تصرفه. قالوا: وإنما لا تصرف؛ لأن الحركة التي في الأوسط، نزّلت منزلة حرف. قال: فصار كأنه على أربعة أحرف.

  وأجمعوا على أن الاسم المؤنث، إذا كان معرفة، على أربعة أحرف، فإنه لا يصرف، معرفة لثقله.

  فكذلك، أيضا، هاهنا، لا يصرف، لأن الحركة، أقيمت مقام الحرف. فكأنه كان على أربعة أحرف. قالوا: والدليل، على أنّ الحركة تكون بمنزلة حرف، إجماعنا على أن الاسم المؤنث، إذا كان على أربعة أحرف، ويكون ساكن الأوسط، فإنه، بالإجماع، في باب النسبة: لا يحذف منه شيء. تقول في حبلى، في باب النسبة: حبلويّ، وفي سعدى: سعدويّ. ثم إنّ هذا الاسم، لو كان متحرك الأوسط [١٣٧ / ب]، فإنه يحذف آخره، نحو قولك: جمزى، وبشكى، فتقول في النسبة: جمزيّ، ولم تقل: جمزويّ، لأن كون هذا الاسم، متحرك الأوسط، قد نزّلت الحركة فيه، وجعلت كأنها حرف واحد، وكأنّ هذا الاسم، بهذه الحركة، على خمسة أحرف.

  وأجمعوا على أنّ الاسم المؤنث إذا كان على خمسة أحرف، فإنه، في النسبة، يحذف منه آخره، فكذلك، ما هو على أربعة أحرف. وأقيمت الحركة فيه مقام حرف واحد. فالحركات تقام مقام الحروف، والحروف تقام مقام الحركات، أيضا. والدليل، على أن الحروف تقام مقام الحركات، باب الجزم. وذلك، لأنك تقول: هو يغزو، ويرمي، ويخشى. ثم إذا أدخلته حرف الجزم؛ فإنك تحذف الحرف الأخير. والجزم لا يحذف الحروف؛ وإنما تأثيره في إسقاط الحركات.

  فلما أسقط الحروف، هاهنا، علمنا بهذا، أنّ الحروف تقام مقام الحركات، والحركات تقام مقام الحروف.

  فإن تجاوز المؤنث ثلاثة أحرف، لم تنصرف، معرفة، وتنصرف، نكرة، مذكرا سميت به، أو مؤنثا. لأن الحرف الزائد فيه على الثلاثة، ضارع تاء التأنيث. وذلك: ك (سعاد) و (زينب). فإن سميت مذكرا بمؤنث ثلاثي صرفته، ساكن الأوسط، كان أو متحركا. نحو رجل سميته (هندا)