باب ما ينصرف وما لا ينصرف
  تصرفه، البتة؛ لخفة التذكير، على ما ذكره في كتاب اللمع.
  [قال أبو الفتح]: اعلم أن كل وصف كان على (فعلان) ومؤنثه (فعلى)، فإنه لا ينصرف، معرفة، ولا نكرة. وذلك نحو قولك: سكران، وغضبان، لا تصرفه البتة؛ لأنك تقول في مؤنثه: سكرى، وغضبى. وذلك لأن هذه الألف، والنون ضارعتا ألفي التأنيث، في نحو قولك: صفراء، وخضراء؛ لأنهما زائدتان مثلهما؛ ولأن مؤنثهما مخالف لبنائيهما، لأن مذكر حمراء: أحمر، ومذكر صفراء: أصفر، كما أن مؤنث (فعلان) (فعلى). وإنما منع الصرف، لاجتماع السببين: الوصف، وزيادة الألف، والنون، كما ذكرنا.
  والوصف فرع على الموصوف؛ كما أن الفعل فرع على الاسم [١٣٨ / أ]، والزيادة فرع على التمام. فإن كان (فعلان) ليس له (فعلى) لم ينصرف، معرفة؛ حملا على باب (غضبان).
  وانصرف نكرة، في مخالفته إياه، من حيث إنه، لا (فعلى) له. وذلك، نحو: حمدان، وبكران.
  وكذلك: كل اسم في آخره ألف، ونون زائدتان، لا تصرفه، معرفة، وتصرفه، نكرة.
  [قلت]: ومتى انضمّ إلى الوصف سبب آخر، منع الصرف؛ لأن الوصف فرع على الموصوف، كما أن الفعل فرع على الاسم، في نحو قوله: أحمر، وقد ذكرنا شرحه فيما تقدم.
  [والعدل]: وهو فرع على الاستواء. لأن (العدل) في كلامهم: هو أن تلفظ بكلمة، وأنت تريد أخرى. وليس هذا بالأصل؛ إنما الأصل: أن تلفظ بكلمة وأنت تريد بها إياها. ف (عمر) معدول، لأنه يراد به (عامر) فهو ضدّ أن تريد ب (عامر) عامرا.
  والمعدول على ضربين: على وزن (فعل) ومعدول على غيره. فأما (فعل) فعلى ضربين:
  أحدهما: معرف باللام، والآخر: بالعلم. فالأول، نحو: النّغر، والصّرد. فهذا النحو منصرف، لأنه ليس بمحدود(١). والضرب الآخر من العدل: موحد، ومثنى، وثلاث، ورباع. هذا لا ينصرف، عندنا؛ للوصف، والعدل. أما الوصف، فالدليل عليه، قوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ}(٢). ألا ترى أنها جارية على (أجنحة). وهو معدول من: اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة.
  والعدل: هو ما ذكرنا من ذكر لفظ، وإرادة آخر. وإذا كان كذلك؛ فإنما يصح هذا في اللفظ. ومن قال: إن العدل يكون في المعنى؛ فإنه لا يصح؛ لما بينا أن العدل، في اللغة، دون المعنى. ولو كان العدل في المعنى، صحيحا، لكان المعنى في (عمر) غير المعنى في (عامر). والمعنى في (زفر) غيره في (زافر). وفي كون المعنى ب (عمر) المعنى ب (عامر) دليل، على أن العدل؛ إنما يكون في اللفظ، دون المعنى.
  ومن زعم أن (مثنى) لم ينصرف؛ لأنه عدل في اللفظ، والمعنى، فزعمه باطل. ألا ترى أن المعني ب (مثنى) هو المعنى: باثنين اثنين. ولو كان معدولا في المعنى، كان المراد ب (مثنى) غير ما أريد: باثنين اثنين.
(١) أي: بمعدول.
(٢) ٣٥: سورة فاطر: ١.