كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب العدد

صفحة 332 - الجزء 1

  (اسما) ينصرف؛ لأنه على زنة (أفعال) في اللفظ، والتقدير.

  و (أشياء) لا ينصرف؛ لأنه (فعلاء) كصحراء، في التقدير، وإن كان، في اللفظ على (أفعال).

  وزعم الأخفش⁣(⁣١)، أن أشياء، أصله: أشيياء، كأصفياء وأولياء، وأنبياء. فلم ينصرف؛ لألفي التأنيث، والعين من الكلمة محذوفة. قال أبو عثمان: قلت له: كيف تصغره؟. فقال: أشيّاء. فقال، فقلت له: ألست تقول: إنه جمع؟. فسكت.

  يعني أبو عثمان بهذا الكلام: أن أشياء، إذا كانت جمعا، وجب أن يرد إلى الواحد، في التصغير، ويصغر المفرد، ويجمع بالألف، والتاء. وكان ينبغي أن يقال: شييات، فلما لم ليقل: شييات، وقيل: أشياء، صح أنه، كصحراء، وصحراء يصغر، فيقال: صحيراء. قال النبي عليه الصلاة والسّلام: (يا حميراء، لا تفعلي هذا)⁣(⁣٢).

  قال أبو علي: وهذا لا يلزم أبا الحسن، لأنه يصغره: أشيّاء، كما يصغّر: أنعام، على: أنيعام.

  لأنه، في اللفظ، على زنة (أفعال) وإن كان في التقدير: (أفعلاء). والكلام في: أشياء، يطول، وفيما ذكرنا، دليل على ما تركنا.

  وأما إذا تجاوزت العشرة، فإنه يثبت الهاء، للمذكر في الصدر، ويحذف [١٤٢ / ب] الهاء، للمؤنث من الصدر، ويثبت آخر الاسم الثاني. فتقول: ثلاث عشرة امرأة. فأما: أحد عشر، فإنك، لا تؤنثه في المذكر؛ لأنا قد قلنا: إنه لا يغير. ولهذا لم تغيره في الأول، فلم تقل في المذكر: واحدة، كما ذكرنا في: ثلاثة، للمذكر. فكذلك، أيضا، جرينا على هذه القاعدة، ولم نثبت الهاء في العشرة، فلم نقل: أحد عشرة رجلا؛ لأنه يؤدي إلى الاستثقال، فحذفنا التاء. ولهذا قرأ بعض القراء: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً}⁣(⁣٣). فأسكن العين، تخفيفا. لأن في تحريكه، أيضا، ضرب ثقل، من توالي ستة متحركات.

  فأما في المؤنث: إحدى عشرة امرأة، فإنك تثبت الياء، في الصدر، علامة للتأنيث، وتثبت التاء في العشرة.

  [فإن قلت]: هذا اسمان، جعلا اسما واحدا. والاسمان إذا جعلا كشيء واحد، حكمهما حكم اسم واحد. وأنتم ذكرتم: أن الاسم الواحد، لا يجتمع فيه علامتا تأنيث. وفي: إحدى عشرة، اجتمعت علامتان.

  [الجواب]: قلنا: إنما يقبح اجتماع علامتين في اسم واحد، إذا كانا من جنس واحد،


(١) الإنصاف (مسألة ١١٨) ٢: ٨١٢، ٨١٣.

(٢) السنن الكبرى - للبيهقي ١: ٦، وفيه: (عن عائشة، ^، قالت: أسخنت ماءا في الشمس، فقال النبي لا تفعلي، يا حميراء؛ فإنه يورث البرص).

(٣) ١٢: سورة يوسف ٤. وهي قراءة: نافع، وشيبة، وحفص، وطلحة بن سليمان، وأبي جعفر، والحسن. معاني القرآن - للفرّاء ٢: ٣٤، ومعاني القرآن - للأخفش ٢: ٣٦٦١، ومختصر في شواذ القرآن ٦٢، والمحتسب ١: ٢٣٢، وتفسير التبيان ٦: ٩٤، ومجمع البيان ٥: ٢٠٧، والبحر المحيط ٥: ٢٧٩، والنشر ٢: ٢٧٩، وإتحاف الفضلاء ٢٦٢.