باب العدد
  كالتاءين، والألفين. فأما إذا كان أحدهما ياءا، والثاني تاءا، وهما اسمان من حيث الحقيقة، فانفرد كل اسم بعلامة، على حياله.
  وإنما بني (أحد عشر) إلى (تسعة عشر) لأنه تضمن معنى الواو. فلما تضمن الحرف الذي هو واو العطف، بني على الفتح. وأهل الحجاز، لا يسكنون الكسرة من الشين، في قولك: إحدى عشرة نسوة، مع أنهم يسكنون الكسرة في كثير من المواضع، مثل قولهم في (كبد) كبد، وفي (فخذ) فخذ، وعكسوا الأمر، هاهنا، ولم يسكنوا الكسرة؛ بخلاف بني تميم. وذلك، لأنهم، يسكنون الكسرة من الشين. فيقولون: ثلاث عشرة.
  وأما (اثنا عشر). فنقول: اثنا عشر، إنما هو معرب، ليس بمبني. والدليل عليه، هو أنه، لو كان مبنيا على الفتح، كسائر أخواته، لكان من الواجب، أن يقال: اثني عشر في جميع المواضع. ثم إنه، تارة يقال بالألف، وتارة يقال بالياء، فعلم، بهذا: أنه معرب، ليس بمبني. وأما (عشرة) فإنه كان مفتوحا، كالعشرة، من أخواته. وذلك لأن (عشر) قد وقع موقع النون. وذلك؛ لأن أصل (اثنا) اثنان، فحذفت النون، وأقيمت العشرة [١٤٣ / أ] مقامه. والدليل، على أنه، في موضع النون، هو أنه: لا يجوز إضافته إلى نفسك، فلا تقول: اثنا عشري، كما لا تقول: اثناني.
  [فإن قلت]: كان من الواجب، أن تجرّ (العشرة) لأنه وقع موقع النون. ألا ترى أن المضاف إليه، لما وقع مقام التنوين، جرّ. فكذلك، أيضا، إذا وقع هذا موقع النون، وجب أن يجر.
  [الجواب]: قلنا: بون بعيد بين المسألتين. وذلك، لأن تلك المسألة، الإضافة فيها غير لازمة، فجرّ المضاف إليه. فأما، هاهنا، فهذه الإضافة لازمة؛ فلا يجرّ؛ بل ينصب. وهذه ليست بإضافة حقيقية؛ إذ لو كانت إضافته لازمة، لبطل المعنى. لأن معناه: ليس اثنان لعشرة، بل معناه: اثنان وعشرة.
  وفي المؤنث، كذلك؛ إلا أنك تثبت التاء في الأول، فتقول: اثنتا عشرة [فإن قلت]: قلتم: إنهما اسمان جعلا اسما واحدا. وقلتم: بأن العلامتين للتأنيث، إذا كانتا من جنس واحد، لا يجتمعان في اسم واحد، وقد قلتم: اثنتي عشرة، فأثبتم التاءين للمؤنث، وهما علامتا التأنيث.
  [الجواب]: قلنا: لا نسلم أنهما كاسم واحد، لأنه معرب؛ بل كل واحد منهما اسم على الكمال، فأدخلنا علامة التأنيث، على كل واحد منهما. وكذلك، أيضا، إلى (تسعة عشر) لكل واحد منهما هذا الحكم الذي ذكرناه. أعني: إثبات التاء في الصدر، للمذكر، وإثباتها في الطرف للمؤنث. وكل واحد منهما بني على الفتح.
  فأما: عشرون، فإنه يستوي فيه المذكر، والمؤنث. فتقول: عشرون رجلا، وعشرون جارية.
  وهو، في الرفع: بالواو، والنون. وفي النصب، والجر: بالياء، والنون. فمن النحويين من قال: القياس يقتضي أن يكون (عشرون) بفتح العين، لأنه: جمع عشرة. إلا أنه، كسرت العين، لتكون الكسرة علامة المؤنث. والواو، والياء، والنون، في جميع الأحوال، علامة المذكر. فلما اجتمع فيه علامة المؤنث والمذكر، وقع على المذكر والمؤنث، جميعا.