كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الجمع

صفحة 338 - الجزء 1

  وأما المضاف، نحو: عبد الله، وعبد الرحمن، وأبي زيد؛ فإنك تقول: عبدو الله. والأصل (عبدون) فحذفت النون للإضافة، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. فتقول: ضرب عبدو الله عبدي الرحمن. فالأول: الفاعل. والثاني: المفعول. وهؤلاء أبو زيد. والأصل: أبون، فحذفت النون للإضافة، لأنهم قالوا في (الأب): أبون. وقد جاء في الشعر. [قال جرير]:

  ٣٣٣ - إذا بعض السّنين، تعرّقتني ... كفى الأيتام فقد أبي اليتيم⁣(⁣١)

  أي: أبين، فحذفت النون للإضافة.

  ويجوز أن تقول: عباد الله، وآباء زيد. ولا يجوز: آباء الزّيدين؛ لأن المقصود: تعريف الأول بالثاني؛ فيكفي الإفراد، في الثاني؛ لأنه يحصل به التعريف. وقد قالوا، في مثل ذلك: هؤلاء أبناء عمّ.

  وأما ما فيه ياء النسب، فنحو: الأشعريّ. تقول في جمعه: الأشعرون، ومثله قوله: {سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ} (١٣٠)⁣(⁣٢)، وواحده: إلياسيّ، فحذفت ياء النسب، في الجمع، وعوضت منها الواو، والنون.

  وأما إذا سميت رجلا (مساجد) و (مفاتيح) فإنك تقول في الجمع: مساجدون، ومفاتيحون، ولا تجمعه جمع التكسير؛ لأن هذا اللفظ نهاية، في الجمع. فإن سميته (أعدالا) جاز أن تقول في جمعه؛ أعاديل؛ لأن (أعدالا) جمع قلة؛ وليست بنهاية في الجمع.

  وإن سميته: ب (مسلمين) أو (زيدين) حذفت الواو، والياء، في الجمع، فقلت: مسلمون، ومسلمين. ولا تقول: مسلمونون، ولا مسلمينين؛ لأن الاسم لا يعرب من جهتين؛ بل الإعراب، تغيّر يلحق الآخر، للفصل بين الفاعل، والمفعول، فيكتفى فيه بعلامة واحدة.

  وأما قولهم (امرؤ) و (ابنم) فإن حرف الإعراب: الهمزة، والميم، والراء، والنون؛ إنما يتغيران على سبيل التبع، للحرف الأخير. فتقول: هذا امرؤ، ورأيت امرءا، ومررت بامريء، وهذا ابنم، ورأيت ابنما، ومررت بابنم. ومن قال: إنّ هذين الاسمين، أعربا من جهتين، فقد أخطأ، في ذلك؛ لما أعلمتكه.

  وأما نحو: طلحة، وحمزة؛ فإنك تقول، في جمعه: طلحات، وحمزات. ولا تجمعه بالواو، والنون؛ كي لا يجمع على الاسم [١٤٦ / ب] الواحد علامة التذكير، وعلامة التأنيث. فلا تقول: طلحتون. وعلى هذا القياس، لو سميت رجلا (بنتا) لم تقل في جمعه: بنتون؛ وإنما تقول: بنات.

  وأما جمع التكسير؛ فإنه ينقسم قسمين: جمع قلة، وجمع كثرة.

  وجمع القلة أربعة ألفاظ⁣(⁣٣) (أفعال) نحو: أنعام، وأعدال. و (أفعل) نحو: أكلب. و (أفعلة) نحو: أقفزة. و (فعلة) نحو: غلمة، وصبية. وما عدا هذه الألفاظ، فهو جمع كثرة، نحو: فعال، وفعول، وفعلان، ومفاعيل، وأشباه ذلك.

  وجمع القلة قد أجروا عليها حكم الآحاد، في مواضع من كلامهم، فعاملوها معاملة الآحاد.


(١) سبق ذكره رقم (٤٨)، (٤٣).

(٢) ٣٧: سورة الصافات ١٣٠.

(٣) يعني بها: ألفاظ أبنية هذا الجمع.