كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الصلة والموصول

صفحة 350 - الجزء 1

  ولا يجوز تقديم الصلة، ولا شيء منها على الموصول. فلا تقول: قام أبوه الذي. لأنه، لا يجوز تقديم بعض الصلة على الموصول؛ لأن الصلة مع الموصول، بمنزلة اسم واحد. وكما لا يجوز تقديم بعض اسم، على بعض؛ فكذلك، أيضا، لا يجوز تقديم الصلة، أو بعض منها على الموصول.

  ولا يجوز الفصل بين الصلة، والموصول، بالأجنبي. فلا تقول: الذي زيد قام أبوه؛ لأنهما بمنزلة اسم واحد، ولا يجوز الفصل بين حروف اسم واحد بالأجنبي. ولا تعمل الصلة في الموصول، ولا في شيء قبله؛ لأن بعض الاسم، لا يعمل في بعض، على ما ذكر في اللمع. فتقول: جاءني من غلامه زيد. (فمن) رفع؛ لأنه فاعل. غلامه: رفع بالابتداء. زيد: رفع، خبر الابتداء.

  والمبتدأ، والخبر: صلة (لمن) وهو فاعل قوله: جاءني. وكذلك: رأيت ما رأيته، على هذا النسق.

  واعلم أن الألف، واللام، في قوله: نظرت إلى القائم أخوه عندنا: اسم. والدليل على أنه اسم، أنه يعود الضمير إليه. ولو كان حرفا، لما عاد الضمير إليه. لأن الضمير لا يعود إلى الحرف.

  والدليل على هذا قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ}⁣(⁣١). فقوله (هم) ضمير يعود إلى الألف واللام.

  والدليل عليه، قوله تعالى: {لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ}⁣(⁣٢) فعطف على قوله: (للذين). ولو لا أن الألف، واللام كانا كاسم واحد؛ وإلا لما عطف على: الذين. لأن الحرف لا يعطف على الاسم. و (قلوبهم) ضمير يعود إلى الألف، واللام. وعند أبي الحسن الأخفش: الألف، واللام: حرف واقع موقع الاسم؛ لأنه بمعنى (الذي) فلهذا جاز أن يعود [١٥٣ / ب] الضمير إليه.

  واعلم أن صلة الألف، واللام، لا تكون جملة من مبتدأ، وخبر. وإنما تكون بالفاعل. فلا تقول: الزيد القائم. ويفارق (الذي) لأن (الذي) يوصل بالجملة، من المبتدأ، والخبر. وبالجملة من الفعل، والفاعل؛ لأنها، إنما أتي بها للوصلة، إلى وصف المعارف بالجملة. والجملة قد تكون اسمية، وفعلية؛ بخلاف الألف، واللام. لأنك تقول: الذي قام أخوه زيد. فإذا ذكرت بالألف، واللام؛ تقول: القائم أخوه زيد، فدخل اللام على اسم الفاعل. ونقل الفعل إلى اسم الفاعل. والألف، واللام، هاهنا، تعرّف الجملة. والألف، واللام بمعنى (الذي).

  والدليل، على أن الألف، واللام، اسم، وإن كان في صورة الحرف، وليست خلفا عن (الذي) قول القائل: مررت بالرجل القائم أبوه، لا القاعدي، أجازوا هذه المسألة: بالألف، واللام، ولم يجيزوها: (بالذي). فلم يقولوا: مررت بالرجل القائم أبواه، لا الذي قعد، ولا الذي قعدا. أما امتناع قولهم: لا الذي قعد، لو أجيز؛ فإنه، لأجل أن الأبوين تثنية، فلا يسند إليه الصفة، مفردة؛ لأن فعل المفرد، لا يصح بعد المثنّى. ولا يجوز: لا الذي قعدا؛ لأنه صفة الرجل، وهو مفرد.

  فلما امتنع (بالذي) وجاز بالألف، واللام؛ علم أنه ليس بخلف عنه. وجاز مع اللام؛ لأن


(١) ٣٩: سورة الزمر ٢٢.

(٢) ٢٢: سورة الحج ٥٣.