باب الصلة والموصول
  [الرابع]: أن تكون (أيّ) تعجبا. كقولك: مررت برجل أيّما رجل.
  [قال الشاعر]:
  ٣٤٥ - فأومأت إيماءا خفيّا لحبتر ... ولله عينا حبتر، أيّما فتى(١)
  فينجر (أيّ) وصفا لما قبله.
  واعلم أن الضمير العائد من الصلة إلى الموصول، على ضربين: متصل منصوب، ومتصل بالجار.
  فالأول: قولك: رأيت الذي رأيته. فالهاء في (رأيته) مفعول وحذفها مستحسن في الكلام.
  وفي التنزيل لم يأت إثباتها إلا في موضعين: أحدهما، قوله: {كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ}(٢). والآخر: قوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا}(٣). كذا ذكره العبدي(٤)، وأبو الحسين(٥). ووجدت لهما ثالثا، وهو: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ}(٦). وإنما حسن حذفها؛ لأن الموصول، قد طال: بالفعل، والفاعل، والضمير؛ فاجتمعت أربعة أشياء: الموصول، والفعل، والفاعل، والضمير. فحسن حذفها لذلك.
  فأما إذا اتصل بالجار، نحو قولك: الذي مررت به زيد؛ فإن حذفه، هاهنا، قالوا: لا يجوز، فلم يجيزوا: الذي مررت زيد. وقد جاء: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا}(٧)، فقدروه: كالذي خاضوا فيه. فحذف (في) فصار التقدير: كالذي خاضوه. ثم حذف الضمير.
  وحكي عن يونس(٨): أنّ (الذي) في الآية، مصدرية. والتقدير: وخضتم كخوضهم. فأجرى (الذي) مجرى (ما) وقالوا في [قول الشاعر]:
  ٣٤٦ - عسى الأيّام أن [١٥٧ / ب] يرجعن ... قوما كالّذي كانوا(٩)
  أي: كالذي كانوا عليه. فحذف (على) فصار: كالذي كانوه. ثم حذفت الهاء، فصار:
(١) البيت من الطويل، للراعي النميري، في: ديوانه ٢٥٧، والكتاب ٢: ١٨٠، والتحصيل ٣٠١، والخزانة ٩: ٣٧٠، ٣٧١.
وبلا نسبة في: ابن عقيل ٢: ٦٥.
(٢) ٢: سورة البقرة ٢٧٥.
(٣) ٧: سورة الأعراف ١٧٥.
(٤) هو: أبو طالب، أحمد بن بكر العبدي، (ت ٤٠٦ هـ)، أخذ العربية عن: السيرافي، والرماني، والفارسي.
ينظر: نزهة الألباء ٢٤٦، ٢٤٧.
(٥) هو: محمد بن الوليد بن ولاد، التميمي، (ت ٢٩٨ هـ)، قرأ كتاب سيبويه على المبرد. ينظر: طبقات النحويين ٢١٧.
(٦) ٦: سورة الأنعام ٧١.
(٧) ٩: سورة التوبة ٦٩.
(٨) والأخفش كذلك. ينظر: مجمع البيان ٥: ٤٨، إذ نقل فيه عبارة الشارح: (قال جامع العلوم النحوي البصير ...) أوردها كما في المتن.
(٩) البيت من الهزج، للفند الزماني، في: ديوان الحماسة ١: ٦، وأمالي القالي ١: ٢٦٠، والخزانة ٣: ٤٣١.