المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه
  مخلوق، إذ عليه أجرى الله العادة في خلق هذه الأشياء في هذه الأزمنة؛ فليس للمصادر به اختصاص.
  فلو قلت: «إن قولك (ضرب) يدل على الحدث، والزمان المجهول، قيل لك: زيد، يدل على الحدث والزمان المجهول / إذ في الزمان خلق، كما أن الضرب في الزمان حدث، ولو لزمت ذلك، لزمك أن تقول: إن الضرب يدل على الحدث، والزمان المجهول، والمكان الواقع فيه؛ لأنه لا يقع إلا في مكان.
  وفي المسألة إشكال، ولم يقولوا فيه أكثر، مما قلته لك»(١).
  ومن رده على أبي الفتح، ما ذهب إليه أبو الفتح من إعمال (إن) التي للتحقيق ب (ما) التي للنفي، على التشبيه، فنصب (عبادا) في قراءة ابن جبير(٢): {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ}(٣)، حيث قال أبو الفتح، هو كما تقول: ما الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم(٤).
  قال جامع العلوم: «هذا كلامه، ولو كانت صحبته مع الشيخ(٥)، كما يدعيه، وأنه لم يفهم أحد كلام الشيخ فهمه وأنه أقام معه أربعين سنة(٦)، فإن تأثير الصحبة في هذه الآية لم يظهر، لأن الشيخ، |، ورضي عنه ذكر في الآية وجهين(٧). فأين منهما أبو الفتح ولم يفهمها، وأين قوله: أقمت معه أربعين سنة»(٨).
  ب - رده على أبي علي الفارسي:
  كان جامع العلوم عظيم الإجلال لأبي علي، مولعا بآثاره، بصيرا بدقائق كلامه، وإخراج نفائسه، ويلقبه: بفارس الصناعة(٩)، والفارس، وفارسهم(١٠). وأكبر دليل على احتفاله بأبي علي، كتابه الموسوم «الإستدراك على أبي علي» الذي ما يزال مفقودا.
  فمما رد وحاور واستدرك على أبي علي، ما جاء في قوله تعالى: {وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ}(١١)، فإن أبا علي قال: «لا أعلق قوله (أو من وراء حجاب) ب (يكلم) المنصوب؛ لأن في ذلك إعمال ما قبل (إلا) فيما بعده؛ وذلك ممتنع، ولكني أعلقه ب (يكلم)
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ١٤١.
(٢) نفسه ١٢٤.
(٣) ٧: سورة الأعراف ١٩٤.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١٢٥.
(٥) يعني: أبا علي الفارسي.
(٦) جواب (لو) محذوف، وتقديره: لما وقع في هذا الخطأ؛ إذ قال جامع العلوم قبل هذا الكلام: إن قول أبي الفتح لا يصح، ينظر: شرح اللمع لجامع العلوم ١٢٥.
(٧) في نصب (عباد) هما: النصب على البدل، والنصب على الحال.
(٨) شرح اللمع لجامع العلوم ١٢٥، ١٢٧.
(٩) أي: صناعة النحو، ينظر: الجواهر: ٢: ٥٥٧.
(١٠) أي: فارس النحويين، ينظر: الجواهر: ٣: ٧٩٠، ٧٩١، وشرح اللمع لجامع العلوم: ١٦٣، ١٧٥.
(١١) ٤٢: سورة الشورى ٥١.