كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه

صفحة 36 - الجزء 1

  آخر، مضمر لجري ذكره»⁣(⁣١).

  وقد تناول أبو علي هذه الآية في (التذكرة)⁣(⁣٢) و (الحجة). ويبدو أنه قد أصاب في (التذكرة)، لأن جامع العلوم قال بعد محاورته بشأن هذه الآية: «هذا كلامه الصحيح في التذكرة، وقد خلط في الحجة، وإذا عرض لك كلامه في موضع قد خلط فيه، فلا تقفن عند ذلك الكلام؛ بل تتبع كلامه، فإنه لا يقتصر على دفعه في حل المشكلات، بل يكررها في كتبه، مرة بعد أخرى، وأنت إذا وقفت، واقتصرت على كلامه في موضع لم تحل بطائل⁣(⁣٣). ولم يجد عليك ولم يعبق بك من فوائده شيء وينبغي أن تعرف حقي عليك، وتشكرني على ما أمنحكه من فوائده، وتدعو لي آناء ليلك ونهارك، فربما يمتعك الله بذلك، والا لم يكن فيما استفدت تمتع»⁣(⁣٤).

  ثم يستمر جامع العلوم، في الرد والمناقشة، موردا آيات أخر، كان أبو علي قد تكلم عليها في كتبه، فيخلص إلى القول، مخاطبا أبا علي: «فهبك استقر كلامك على ما ذكرته في (التذكرة) ففهمنا بذلك أن الذي وقع في الحجة تخليط؛ فلم ناقضت في هذا؟! فذكرت في (عسق)⁣(⁣٥).

  خلاف ما ذكرت في (هود)⁣(⁣٦)».

  وعلى الجملة، فقد عفا الله عنك؛ إذ لولاك لما فهم كتاب سيبويه، ولا مشكلاته، وإذا كان كذلك، فبك نأخذ عليك⁣(⁣٧).

  ج - رده على المبرد:

  قال جامع العلوم: «الاستثناء على ضربين: موجب، ومنفيّ، فالموجب قولك: قام القوم إلا زيدا. ف (زيد) مستثنى من موجب، وهو منصوب، وناصبه: الفعل قبله؛ بتقوية (إلا) ف (إلا) عدت (قام) إلى زيد، كما تعديه الباء في (مررت بزيد)⁣(⁣٨)».

  وقال المبرد⁣(⁣٩): إن زيدا منصوب ب (إلا) لأن (إلا) يدل على (أستثني) فأعمل (أستثني) الذي دل عليه (إلا).

  قال جامع العلوم: «وهذا غلط منه، لأنه لو كان يصح هذا؛ لوجب أن يقال: ما زيدا قائما؛ فينصب (زيد) لأن (ما)» يدل على (أنفي). و: هل زيد قائما؛ لأن (هل) يدل على (أستفهم). فهذه الحروف غير معملة بتة.


(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٢.

(٢) التذكرة: من كتب أبي على التي ما تزال مفقودة.

(٣) لم تحل بطائل: لم تظفر، ولم تستفد كبير فائدة.

(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٣.

(٥) ٤٢: سورة الشورى، ويعني به الآية ٥١.

(٦) في الآية ٢٧؛ إذ ذكر أبو علي أن انتصاب (بادي الرأي) إنما هو بقوله (اتبعك) وإن كان قبل (إلا): ينظر: مجمع البيان ٥: ١٥٣.

(٧) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٤.

(٨) نفسه ١٩٤.

(٩) المقتضب ٤: ٣٩٠.