المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه
  الحال والاستقبال، مجار للفعل المضارع في حركاته وسكناته، نحو ضارب ويضرب، ومنطلق وينطلق(١)؛ فإضافته تكون في تقدير الانفصال.
  وأما المصدر فلا يجوز ذلك فيه، وإن كان يعمل بالشبهية الفعلية، لأنه غير مجار للفعل، لا في حركاته، ولا في سكناته، ف (ادخار) غير مجار ل (يدخر).
  د - وراح جامع العلوم يزيد من أدلته، على مجيء المصدر معرفة، فأورد شاهدا آخر تعرف فيه المصدر بالألف واللام، لا الإضافة، إذ قال: «ثم هذا الكلام»(٢) لا يصح من أبي عمر.
  وقد قال قريط بن أنيف العنبري:
  فليت لي بهم قوما إذا ركبوا ... شدّوا الإغارة، فرسانا، وركبانا
  ف (الإغارة) مفعول له، وهو معرفة، وليس مفعولا به، لأن (شدّوا) فعل لازم، بدليل قول الآخر:
  وأنذر إن لقيت بأن أشدّا ... ... (٣)
  ٢ - مع أبي إسحاق الزجاج:
  ذهب أبو إسحاق الزجاج إلى أن (مفعلا) و (مفعلا) نحو (مغار) و (مثوى) إذا كان زمانا أو مكانا لم يتعلق به شيء من الظروف، ولا شيء من المنصوبات.
  غير أن الزجاج قال في قوله تعالى: {قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ}(٤)، قال: إن (خالدين) منصوب على الحال، والعامل فيه (مثوى) بعد أن ذكر أنّ (مثوى) هو المكان(٥).
  تتبع جامع العلوم ذلك في شرح اللمع(٦)، وأبطله بقوله:
  أ - إن الزجاج قد ناقض نفسه؛ لأنه قال: «إن (مفعلا) إذا كان زمانا أو مكانا لم يتعلق به شيء من الظروف، ولا شيء من المنصوبات»(٧).
  ب - إن (خالدين) حال من المضاف إليه، وهو الكاف والميم في (مثواكم)، فهو كقوله تعالى: {أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}(٨).
  ج - إن العامل في الحال معنى الإضافة، وامتزاج بعض الكلام ببعض؛ ف (مصبحين) حال من (هؤلاء).
  د - أو يكون (خالدين) حالا من المصدر دون المكان. والتقدير: قال النار ذات ثوائكم خالدين فيها.
(١) المغني ٢: ٤٥٨.
(٢) أي كلام أبي عمر في وجوب تنكير المفعول له.
(٣) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٧.
(٤) ٦: سورة الأنعام ١٢٨.
(٥) مجمع البيان ٤: ٣٦٥.
(٦) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٢.
(٧) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧١، وينظر: مجمع البيان ٤: ٣٦٥.
(٨) ١٥: سورة الحجر ٦٦.