كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه

صفحة 38 - الجزء 1

  الحال والاستقبال، مجار للفعل المضارع في حركاته وسكناته، نحو ضارب ويضرب، ومنطلق وينطلق⁣(⁣١)؛ فإضافته تكون في تقدير الانفصال.

  وأما المصدر فلا يجوز ذلك فيه، وإن كان يعمل بالشبهية الفعلية، لأنه غير مجار للفعل، لا في حركاته، ولا في سكناته، ف (ادخار) غير مجار ل (يدخر).

  د - وراح جامع العلوم يزيد من أدلته، على مجيء المصدر معرفة، فأورد شاهدا آخر تعرف فيه المصدر بالألف واللام، لا الإضافة، إذ قال: «ثم هذا الكلام»⁣(⁣٢) لا يصح من أبي عمر.

  وقد قال قريط بن أنيف العنبري:

  فليت لي بهم قوما إذا ركبوا ... شدّوا الإغارة، فرسانا، وركبانا

  ف (الإغارة) مفعول له، وهو معرفة، وليس مفعولا به، لأن (شدّوا) فعل لازم، بدليل قول الآخر:

  وأنذر إن لقيت بأن أشدّا ... ... (⁣٣)

  ٢ - مع أبي إسحاق الزجاج:

  ذهب أبو إسحاق الزجاج إلى أن (مفعلا) و (مفعلا) نحو (مغار) و (مثوى) إذا كان زمانا أو مكانا لم يتعلق به شيء من الظروف، ولا شيء من المنصوبات.

  غير أن الزجاج قال في قوله تعالى: {قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ}⁣(⁣٤)، قال: إن (خالدين) منصوب على الحال، والعامل فيه (مثوى) بعد أن ذكر أنّ (مثوى) هو المكان⁣(⁣٥).

  تتبع جامع العلوم ذلك في شرح اللمع⁣(⁣٦)، وأبطله بقوله:

  أ - إن الزجاج قد ناقض نفسه؛ لأنه قال: «إن (مفعلا) إذا كان زمانا أو مكانا لم يتعلق به شيء من الظروف، ولا شيء من المنصوبات»⁣(⁣٧).

  ب - إن (خالدين) حال من المضاف إليه، وهو الكاف والميم في (مثواكم)، فهو كقوله تعالى: {أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}⁣(⁣٨).

  ج - إن العامل في الحال معنى الإضافة، وامتزاج بعض الكلام ببعض؛ ف (مصبحين) حال من (هؤلاء).

  د - أو يكون (خالدين) حالا من المصدر دون المكان. والتقدير: قال النار ذات ثوائكم خالدين فيها.


(١) المغني ٢: ٤٥٨.

(٢) أي كلام أبي عمر في وجوب تنكير المفعول له.

(٣) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٧.

(٤) ٦: سورة الأنعام ١٢٨.

(٥) مجمع البيان ٤: ٣٦٥.

(٦) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٢.

(٧) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧١، وينظر: مجمع البيان ٤: ٣٦٥.

(٨) ١٥: سورة الحجر ٦٦.