كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

المبحث الخامس موقف جامع العلوم من النحويين السابقين

صفحة 41 - الجزء 1

  على ذلك اتصاله بالاسم كأحد حروفه⁣(⁣١).

  أو ينقل رأي الخليل، وكأنه من المسلمات، فيقول: «إن باب (إن) مشبه بالفعل في نصب ما بعده ورفعه، وليس بفعل على الحقيقة، فلا يتصرف فيه بحذف المشبه بالمفعول لضعفه»⁣(⁣٢).

  ٢ - مع سيبويه (ت ١٨٠ هـ):

  ذكرنا أن كتاب سيبويه كان أحد المصادر المهمة لجامع العلوم في شرحه على اللمع، فقد نهل من هذا الكتاب ما شاء له أن ينهل، فسيبويه وآراؤه لم تغب عن ذهنه أبدا؛ ولذا فقد ذرف ذكر سيبويه على التسعين مرة، عدا ما ذكره بالكناية، والإيماء، والتكرار في الصفحة الواحدة.

  وكان يورد آراءه بطرق شتى من التعبير، منها: قال سيبويه، والقول قول سيبويه، وقال صاحب الكتاب، وحكى سيبويه، وذكر في الكتاب⁣(⁣٣) ... الخ.

  وإذا ما نقل آراء النحويين في مسألة ما، ونقل رأي سيبويه، وجدناه يقف مع سيبويه، يؤيد رأيه، ويتبنى مذهبه.

  ومن أمثلة ذلك رده على من طعن على سيبويه استشهاده في الحمل على الموضع بقول الشاعر:

  معاوي، إننّا بشر، فأسجح ... فلسنا بالجبال، ولا الحديدا

  إذ نصب (الحديدا) حملا على محل (الجبال) المجرور لفظا بحرف الجر الزائد، المنصوب محلا، لكونه خبر ليس.

  قال جامع العلوم، والطعن ليس بمتجه؛ لأن سيبويه سمع هذا البيت ممن يصح الاحتجاج بقوله فسيبويه يسمع من العرب على ما يصح في لغتها؛ فيصح له الاحتجاج به؛ لأن من سمعه منه قوله حجة، وإنشاده صحيح⁣(⁣٤).

  ووجدت جامع العلوم يذهب غير مذهب سيبويه في (لبيك) و (سعديك) وما شاكلها من المصادر المنصوبة؛ إذ إن هذه الألفاظ عند سيبويه مثناة منصوبة على إضمار الفعل المتروك إظهاره⁣(⁣٥).

  وعند يونس أن (لبيك) اسم واحد جاء على هذا اللفظ في الإضافة، كقولك (عليك).

  وذهب جامع العلوم إلى أن (لبيك) أصله: لبى، قال الشاعر:

  دعوت لما نابني مشورا ... فلبي فلبي يدي مسور

  فوقف هذا الشاعر ووصل على لغة من قال في (أفعى) (أفعي). فقال: لبى. وهذا لا يكون تثنية، كما زعمت يا صاحب الكتاب⁣(⁣٦).


(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٨٢، ٢٨٣.

(٢) نفسه ١١٠.

(٣) نفسه: ٢٣، ٢٨، ٢٩، ٣٤٤، ٣٥٩، ٣٦٠ ... وغيرها.

(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١١٤.

(٥) الكتاب ١: ٣٤٨.

(٦) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٠.