كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب إعراب الاسم المعتل

صفحة 86 - الجزء 1

  تقدير: رأيت بكرا، لأن الألف، واللام، لا تلزمان الكلمة. فالراء، في تقدير الحركة، فلا يتصور فيه النقل إلى ما قبله. [قال الشاعر]:

  ٢٨ - ثمّ استمرّوا، وقالوا: إنّ مشربكم ... من ماء شرقيّ سلمى: فيد أو ركك⁣(⁣١)

  أصله: ركّ، ففك الإدغام، وفتح الكاف، لأجل الراء، ضرورة، واتساعا. وفي القصيدة:

  ٢٩ - كما استغاث بسيء فزّ غيطلة ... خاف العيون، فلم ينظر به الحشك⁣(⁣٢)

  فتح الشين، لأجل فتحة الحاء، وأصله: الحشك، لأنه الدرة. فافهم هذا، فإنه قد أخفي عنك في قوله تعالى: {أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ}⁣(⁣٣) واحدة قربات، بضم الراء، إتباعا لضم القاف.

باب إعراب الاسم المعتل

  الاسم المعتل: ما كان آخره ياءا، قبلها كسرة، أو ألفا. إنما قال: ياءا قبلها كسرة، لأن الياء إذا سكن ما قبلها، كان الاسم الذي فيه، في حكم الصحيح، نحو: ظبي، ونحي. هذا في حكم: زيد، وعمرو. فأما ما كان آخره ياءا قبلها كسرة، فإنه يسمى: منقوصا، وإنما سمي منقوصا، لأن الرفع، والجر قد نقصا منه، ودخله النصب في موضع النصب. وهذا المنقوص على ضربين: منون، وغير منون. فالمنون على ضربين: موصول، وموقوف عليه. فإذا كان موصولا، وكان منونا، فنحو قولك: هذا قاض، في موضع الرفع. ومررت بقاض في موضع الجر. وأصله: هذا قاضي، ومررت بقاضي، استثقلت الضمة، والكسرة، في الياء، فحذفتا منها، فسكنت الياء. والتنوين بعدها ساكنة، فحذفت الياء، لالتقاء الساكنين. وكان حذف الياء أولى من حذف التنوين، لأن التنوين للفرق بين المنصرف، وغير المنصرف. والياء لا يفرق بين الشيئين، فكان التنوين بالإبقاء أولى من الياء، لهذا المعنى. فأما في موضع النصب، فإنك تنصبه فتقول: رأيت قاضيا يا فتى. واحتمل النصب، في الياء، لخفته. [١٣ / ب] فأما في حالة الوقف، فإنك تقول في موضع الرفع، والجر: هذا قاض، ومررت بقاض، فتحذف التنوين، كما حذفت في: زيد، وعمرو. وتقف على الضاد، ساكنة. قال الله تعالى: {وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ}⁣(⁣٤) وفيه لغة أخرى⁣(⁣٥)، وهي أن تقول: هذا قاضي، ومررت


= البصريون إلى عدم جواز ذلك، وقول الباقولي ترديد لمذهبهم. ينظر: الإنصاف (مسألة ٦) ٢: ٧٣١.

(١) البيت من البسيط، لزهير بن أبي سلمى، في: ديوانه ٧٦، والمقتضب ١: ٢٠٠، والعقد ٥: ٣٥٥، واللسان (ركك) ١: ٤٣٤.

سلمى: أحد جبلي طيء، وثانيهما: أجا. فيد: نجد قريب منهما. قال الأصمعي: سألت بجنبات فيد عن ركك، فقيل: ماء هاهنا، يسمى: ركا.

(٢) البيت من البسيط، في: ديوانه ٨٢، واللسان (سوء) ١: ٩٩، و (فزز) ٥: ٣٩١، و (حشك) ١٠: ٤١٢، و (غطل) ١١: ٤٩٧.

السيء: اللبن قبل نزول الدرة. الفز: ولد البقرة. الغيطلة: الشجر الملتف. الحشك: شدة الدرة في الضرع.

(٣) ٩: سورة التوبة ٩٩.

(٤) ١٣: سورة الرعد ١١.

(٥) الكتاب ٤: ١٨٣، وفيه، قال سيبويه: (حدثنا أبو الخطاب، أن بعض من يوثق بعربيته من العرب، يقول: هذا رامي، وغازي، وعمي). وينظر: الأصول ٢: ٣٩٦.