[ضرورة ذكر الموت وما بعد الموت]
  وعن عيسى #: «يا صاحب العلم احذر الموت، فإنك لا تدري متى يغشاك فاستعد له قبل أن يفجأك».
  وروي عنه #: أنه رأى الدنيا في صورة عجوز عليها من كل زينة، فقال لها: «يا امرأة، كم تزوجت»؟ قالت: لا أحصيهم، قال: «مات عنك كلهم أم طلقوك»؟ قالت: لا، بل قتلتهم، فقال عيسى #: «بؤسًا لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين! كيف تهلكينهم واحدًا بعد واحد ولا يكونون منك على حذرٍ!»(١).
  وعن بعضهم قال: رأيت عليًا # يسرع في المشي فاتبعته فنظر إليَّ فقال: هلم حتى نصبَّ من دموعنا(٢) فأتينا القبور، فقام بين القبور، فقال: يا أهل القبور نسيكم الأحبة والإخوان، (واستبدل بكم الجيران جيرانا، واستبدل بكم الإخوان إخوانا)(٣) يا أهل القبور، كيف وجدتم مرارة الموت وثقل التراب؟، ثم بكى بكاء شديدًا، ثم أمعن بين القبور، ثم وقف فقال: يا أهل القبور، أما المساكن فقد سكنت، (وأما الأموال فقد قسمت)(٤)، وأما الأزواج فقد نُكحت فهذا خبر ما قِبَلَنَا، فما خبر ما قِبَلَكُم، ثم التفت إليَّ فقال: لو نطق القوم لقالوا: إنا وجدنا خير الزاد التقوى(٥).
(١) الزهد لابن أبي الدنيا ٣٣.
(٢) في (ش): حتى نصيب من أمواتنا.
(٣) في (ش): واستبدل بكم الجيران والإخوان إخوانا.
(٤) ساقط في (هـ، ش).
(٥) النهج ٧٠٨، رقم ١٣٠. والعقد الفريد ٣/ ٢٣٦.