سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[ضرورة ذكر الموت وما بعد الموت]

صفحة 32 - الجزء 1

  وعن عيسى #: «يا صاحب العلم احذر الموت، فإنك لا تدري متى يغشاك فاستعد له قبل أن يفجأك».

  وروي عنه #: أنه رأى الدنيا في صورة عجوز عليها من كل زينة، فقال لها: «يا امرأة، كم تزوجت»؟ قالت: لا أحصيهم، قال: «مات عنك كلهم أم طلقوك»؟ قالت: لا، بل قتلتهم، فقال عيسى #: «بؤسًا لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين! كيف تهلكينهم واحدًا بعد واحد ولا يكونون منك على حذرٍ!»⁣(⁣١).

  وعن بعضهم قال: رأيت عليًا # يسرع في المشي فاتبعته فنظر إليَّ فقال: هلم حتى نصبَّ من دموعنا⁣(⁣٢) فأتينا القبور، فقام بين القبور، فقال: يا أهل القبور نسيكم الأحبة والإخوان، (واستبدل بكم الجيران جيرانا، واستبدل بكم الإخوان إخوانا)⁣(⁣٣) يا أهل القبور، كيف وجدتم مرارة الموت وثقل التراب؟، ثم بكى بكاء شديدًا، ثم أمعن بين القبور، ثم وقف فقال: يا أهل القبور، أما المساكن فقد سكنت، (وأما الأموال فقد قسمت)⁣(⁣٤)، وأما الأزواج فقد نُكحت فهذا خبر ما قِبَلَنَا، فما خبر ما قِبَلَكُم، ثم التفت إليَّ فقال: لو نطق القوم لقالوا: إنا وجدنا خير الزاد التقوى⁣(⁣٥).


(١) الزهد لابن أبي الدنيا ٣٣.

(٢) في (ش): حتى نصيب من أمواتنا.

(٣) في (ش): واستبدل بكم الجيران والإخوان إخوانا.

(٤) ساقط في (هـ، ش).

(٥) النهج ٧٠٨، رقم ١٣٠. والعقد الفريد ٣/ ٢٣٦.