سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[دواعي نقض التوبة]

صفحة 47 - الجزء 1

  وقال: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ٥٩}⁣[مريم: ٥٩].

  وقال: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ ٢٠}⁣[الأحقاف: ٢٠].

  وعن بعض الحكماء: ليس لعدوك عليك سبيل ما دمت مصلتا لسيف الصبر على شهوتك، فإن تركت الصبر، وملت إلى شهوتك سُلّطَ عليك عدوك.

  وتستعين على دفع الشرف بأن تحقر نفسك، وتحقر قدرها بتذكير كثرة أدناسها وضعفها وفقرها وذلها ومسكنتها، وأنها كانت في الأول نطفة، ثم تصير جيفة، وبأن تعظم قدر الله ø في القلب وتُجِلَّه وتخشع له بتذكُّر عظمته واقتداره على ما يشاء حتى تذل نفسك.

  وتستعين على دفع حب المال عن نفسك بأن تشعر نفسك أنك لا تريد أن تنيلها ما عشت إلا القوت من المَطْعَمِ والمَشْرَب والمَلْبَس، ولا تُنِل عيالك إلا القوت، كَثُرَ مَاُلكَ أو قَلَّ، فإنك إذا عملت ذلك خف عندك قدر المال إن شاء الله تعالى.

  فيجب على التائب أن يتوقى هذه الوجوه أشد التوقي، ويَحذر أن يؤتى منها أشد الحذر؛ لأنها دواعي نقض التوبة؛ ولذلك تجد كثيرًا من