سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[من مكائد الشيطان]

صفحة 73 - الجزء 1

  كان فيه، ويضيع ما كان يطلبه، وينتخبه، ويغلب الهوى عقله (ويجره الشيطان إلى استهوائه جَرّا لائحا)⁣(⁣١) وطريقًا واضحًا.

  وهذه الجمل أكثر ما تعرض للمبتدئين منهم، والذين لم يألفوا حلاوة مقصدهم، ولم يأنسوا بمطلبهم، وإن كان الجميع منها على خطر.

  القاطع الثاني: هو أن يفتره الشيطان عن اجتهاده، وحَمْلِه النفس على المكاره في معاملته بأن يورد عليه آفات⁣(⁣٢) ما يتعاطاه وعيوبه كالعجب والرياء وما يجرى مجراهما، ويوهمه أن اجتهاده ضائع، وربما أوهمه أن الضرر عليه في الاجتهاد أعظم من الضرر في تركه؛ لأنه إذا تركه سلم من الرياء والعجب، وإذا أخذ نفسه به لم يسلم منهما، فيُضعِفَ ذلك نيته⁣(⁣٣)، ويوهن عزمه ونيته فيفتر عنه، ومتى فتر غلب هواه عقله ورده على عقبه خائبًا بائسا، ولم يزل حتى يسلخه من الارادة، ويخرجه من جملة أهلها، وهذا (الثاني)⁣(⁣٤) أكثر ما يعرض لمن يخالط أهل التصوف من الإشارات⁣(⁣٥) والعبارات، فليحذر المريد جميع ذلك كل الحذر، وليدفع بجهده ما يجد من ذلك في خاطره وهمه، ولْيَسْتَغِثْ بالله ø إنه خير مغيث.


(١) في الحدائق الوردية: ويجد الشيطان إلى استهوائه جَدَدًا لا حبًا وطريقًا لائحًا.

(٢) في (ش) من الآفات.

(٣) في (هـ) مشيه وفي (ش) بنيته.

(٤) في (ص): الباب.

(٥) في (هـ) من أهل الإشارات.