باب العبادات
  وروي عن سعيد بن المسيب(١) أنه قال: دخلت على علي بن الحسين # عند طلوع الشمس وهو قائم يصلي كأنه ساق شجرة قد ثَفِنَتْ جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وذلك في حديث طويل، وفيه أن سعيدًا قال له: ما هذا الاجتهاد وأنت من الله ø ومن رسوله ÷ بالمنزلة التي أنت فيها؟ فقال: يا سعيد ما ترك جدي ~ الاجتهادَ وقد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما يَدْرِيْ علي بن الحسين يصير إلى جنة أم إلى نار؟ وفي الحديث أنه قطع كلامه فسجد فلم يزل ساجدًا إلى أن زالت الشمس فرفع رأسه وقد اسودَّ وجهه من الدم وأثر الدموع على خده ~.
  وروي عن طاووس(٢) أنه قال: نهضت أنا وسعيد بن المسيب في بضع وثلاثين من الُقرَّاء إلى علي بن الحسين #، فإذا نحن به ساجدا في الحِجْرِ عند الميزاب، فلم نزل قيامًا وقعودًا(٣) حتى رفع رأسه من السجود فقال له الوضين بن عطاء(٤): يا علي بن الحسين والله لو لم تخلق النار إلا لك، ولم يعصِ اللهَ على وجه الأرض سواك ما زاد (على ما
(١) سيد التابعين كان زاهدا ورعا فقيها ومحدثا. توفي ٤٩ هـ. سير أعلام النبلاء ٤/ ٢١٧.
(٢) بن كيسان الفارسي من أهل اليمن، حافظ عابد زاهد. توفي سنة ١٠٦ هـ سير أعلام النبلاء ٥/ ٣٨.
(٣) في (ش) فلم يزل قائمًا وقاعدًا.
(٤) بن كنانة الخزاعي محدثا وصاحب منطق. ت ١٤٩ هـ. تأريخ بغداد ١٣/ ٥١٤.