بيعة العقبة الثانية
  حتى يموت، ومنهم من قال: يقذف به في البحر، كل ذلك لم ينحل به الإشكال ثم اتفقوا على أن يختاروا من كل قبيلة رجلا شاباً جليداً بسيوف صارمة فيضربوه جميعاً ليتفرق دمه في القبائل فلا يقدر بنو هاشم على المطالبة بدمه، فقيل: إن هذا هو رأي أبي جهل وقيل: حضرهم الشيطان وصوب هذا الرأي، وهذا عندهم الحل الوحيد، ولكن يد الله فوق أيديهم، هذا أبو جهل لم يرتض إلا بقتله فقد لعنه الله وأخزاه وكان عاقبته في الدنيا الخزي والهوان بأن قتل في بدر، وأما في الآخرة فالعذاب الشديد نعوذ بالله، استعدوا لقتله من ليلتهم وأتاه جبريل يخبره بهم وأن لا يبيت في بيته وقد أذن الله له في الهجرة إلى المدينة، فلما كان وقت العتمة وهي بعض ثلث الليل الأول اجتمعوا على بابه يرصدونه متي نام فيثبون عليه، أو يخرج فيضربونه بسيوفهم فأمر علي # أن ينام على فراشه ويتشح ببرده الأخضر، وأن يتخلف عنه ليؤدي عنه من الودائع إلى أهلها إذا نجاه الله، فامتثل أمره فكان أول من بذل نفسه ابتغاء مرضاة الله ووقى بنفسه رسول الله ÷ وباهى الله به ملائكته في تلك الليلة.
  روي أن الله أوحي إلى جبريل وميكائيل فقال: هل أحد منكما يهب عمره لصاحبه فكلاهما امتنعا من ذلك قال: فانزلا إلى علي الذي فدى بنفسه أخاه فنزل جبريل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وقالا: بخ بخ لك يابن ابي طالب فقد باهى الله بك ملائكته، خرج رسول الله وهم يرصدونه فأخذتهم نومة، فأخذ قبضة من تراب وجعل ذلك على