بيعة العقبة الثانية
  رؤوسهم وهو يتلو قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ٩}[يس: ٩] فقاموا من غشيتهم فجعلوا يطلعون عليه فيجدونه نائماً فقالوا: لا عليكم هذا محمد نائم فأقاموا على الباب يرصدونه فلما طلع الفجر قام علي فقالوا: اين صاحبك فقال: لا أدري ونجاه الله من سطوتهم فمنعهم الله أن يضربوا علياً وهو نائم ولا بعد قيامه وحماية الله فوق كل حماية وعلموا أن النبي ÷ قد نجا منهم وسقط في أيديهم.
  ولقد كانت قريش تحسب لهجرة النبي ألف حساب لما ذكرناه آنفاً ورد الله كيدهم في نحورهم، أما رسول الله ÷ فخرج وقصد غار ثور وهو جهة يمن لم يكن يخطر بالبال، وجاء أبو بكر إلى علي فأخبره وقال: أدركه، وقيل: إنه مر عليه ولم يعلم بهما أحد إلا عامر بن فهيرة وعبد الله بن أبي بكر فكان يرعي غنم أبي بكر وكان في الليل تأتيهما أسماء بنت أبي بكر بالطعام ويمرون بالغنم لتمحو الأثر وأقاما بالغار ثلاثة أيام وكانت قريش تحث في الطلب البالغ لأنها قد أحست بالخطر، أقبل فتيان قريش بسيوفهم وعصيهم يبحثون في كل جهة وفي كل جبل وفي كل ناحية، لقد وصلوا جنب الغار ولقوا راعياً وسألوه فكان جواب الراعي قد يكونان في الغار وإن كنت لم أر أحداً أمه، فسمع أبو بكر فتصبب عرقا وخاف خوفا شديداً حين سمع الراعي وخاف أن يقتحموا الغار فمسك أنفاسه ولم ييق به حراك، وكان أحدهم قد تسلل إلى الغار فرجع فقالوا: ما بالك فقال: إن عليه العنكبوت من قبل ميلاد محمد وقد رأيت عليه حمامتين في بابه فعرفت أن ليس أحدُ فيه، فمحمد يزداد في