(3) المسألة الثالثة عشر أن الله تعالى لا يثيب أحدا إلا بعمله ولا يعاقبه إلا بذنبه
  الإجلال والتعظيم».
  فلو أوصلها الله تعالى إلى من لا يستحقها كان قد عظم من لا يستحق التعظيم.
  (٢) وأما الأصل الثاني: وهو أن تعظيم من لا يستحق التعظيم قبيح.
  فالذي يدل عليه: ما نعلمه في الشاهد، من أنه يقبح من الواحد منا أن يعظم الأجانب كتعيظم الوالدين، أو الكافر كتعظيم الأنبياء، ويُنزِّل المسيء في باب التعظيم منزله المحسن.
  ولهذه العلة قبح السجود للأصنام؛ لأنه تعظيم لمن لا يستحقه.
  وأما أن المجازاة بالعقاب لمن لا يستحقه يكون قبيحاً، فلأنه يكون ظلماً والظلم قبيح، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
  أحدهما: أن المجازاة بالعقاب لمن لا يستحقه يكون ظلماً.
  والثاني: أن الظلم قبيح.
  ١ - فالذي يدل على الأول: أن حقيقة الظلم «هو الضرر العاري عن جلب نفع أو دفع ضرر أو استحقاق» بدليل أن من علم ضرراً هذا حاله، علم أنه ظلم، ومن لم يعلمه بهذه الصفة لم يعلمه ظلماً.
  ألا ترى أن العقلاء متى شاهدوا رجلاً، يقطع يد غيره، فإنهم لا يقطعون بكون ذلك الضرر ظلماً، حتى يبحثوا عن حقيقة ذلك الأمر، فإذا كان الأمر وقع لدفع مضرة، نحو أن يكون بتلك اليد آفة، متى لم تقطع اليد، سرت الافة إلى سائر البدن، فإنهم يخرجون هذا القطع بهذا الوجه عن كونه ظلماً.