الفصل الأول في بيان معاني الألفاظ
الفصل الأول في بيان معاني الألفاظ
  (١) فاعلم أن الواجب: هو ما للإخلال به مدخل في استحقاق الذم على بعض الوجوه.
  والإخلال هو ترك الفعل، يقال: فلان أخلّ بالصلاة أي تركها، وهو الامتناع من الفعل مع القدرة عليه.
  والمدخل هو التأثير، ومعناه أن إخلاله بالواجب أثر في استحقاقه للذم، ومعنى هذا أن من ترك الواجب حَسُن ذمه على بعض الوجوه.
  قلنا: حَسُنَ ذمه ولم نقل وجب؛ لأن الذم حقٌ للذَّام، واستيفاء حقه لا يجب عليه، بخلاف المدح فإنه حقٌ للممدوح، وإيفاء الغير حقه واجب، ويصير ذلك بمثابة درهمين، درهم لك، ودرهم عليك، فالدرهم الذي لك يحسن منك أخذه أو العفو عنه، بل العفو عنه أفضل، والدرهم الذي عليك يجب رده لا محالة.
  وقلنا على بعض الوجوه دون بعض، احترازاً من الواجبات المخيرات، كالكفارات الثلاث، فإن الواجبات وجبت عليه ثم أتى بواحدة منهن سقط عنه وجوب الأخيرتين، ولولا وجوب الواجب لما حسن ذم تاركه على وجهٍ من الوجوه؛ لأن العقلاء لا يذمون أحداً على ترك فعل إلا وذلك الفعل واجب.
  ***
  (٢) وأما المكلف فهو من أعلم بوجوب بعض الأفعال عليه وقبح