الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة السادسة في الامتحانات

صفحة 141 - الجزء 1

  يكون لها فاعل سوى الله تعالى، لم يبق لها فاعل سواه، وإلا كانت فعلاً لا فاعل له، وذلك لا يجوز.

  ***

  (٢) وأما الموضع الثاني: وهو الكلام في حسنها، والوجه الذي لأجله حسنت، والكلام منه يقع في موضعين:

  أحدهما: في حكاية المذهب وذكر الخلاف.

  وثانيها: في الدليل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهبوا إليه.

  أما الموضع الأول: فمذهبنا أنها حسنة، والخلاف في ذلك مع من يقول بحدوثها، ثم ينفيها عن الله تعالى، فإنهم يقولون إنها قبيحة، ولأجل ذلك نفوها عن الله تعالى.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه، وفساد ما ذهبوا إليه، أنه قد ثبت أنها فعل الله تعالى، وقد بينا أن أفعاله كلها حسنة.

  وأما الكلام في الوجه الذي لأجله حسنت، فاعلم أنما كان منها مستحقاً، فوجه حسنه الاستحقاق، فإن لم يكن مستحقاً، فلابد فيه من عوض واعتبار، فلا يحسن إلا بمجموعهما.

  والدليل على ذلك أن الألم لو خلا عن العوض والاعتبار لكان قبيحاً، والله تعالى لا يفعل القبيح، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أن الألم لو خلا عن العوض والاعتبار لكان قبيحاً.

  والثاني: أن الله تعالى لا يفعل القبيح.

  أما الأصل الأول: فالذي يدل عليه: أن الألم لو خلا عن الاعتبار لكان عبثاً.

  لأن العبث «هو الفعل الواقع من العالِم به عارياً عن غرض مثله»، وهذا المعنى حاصل في الألم لو خلا عن الاعتبار؛ لأنه كان يمكن ويحسن إيصال نفع العوض إلى المؤلم من دون الألم، ولا شك أن العبث قبيح، وقبحه معلوم ضرورة.