(5) المسألة الخامسة: في الشفاعة
  فائدة تخصيصه لهم بالذكر، وإن كانت شفاعته عليه وآله الصلاة والصلام للتائب وسائر المؤمنين، لئلا يتوهم متوهم أنه لا حظ لهم في شفاعته عليه وآله الصلاة والسلام، وإن تابوا فأزال هذا التوهم، ولأن الشفاعة في حق التائبين أوقع ونفعها أعظم؛ لأنهم قد كانوا أحبطوا ما استحقوا من الثواب، فصاروا في أعداد الفقراء، ولا شك أن الإحسان إلى الفقير ليس كالإحسان إلى الغني، وإن كان لكل واحدٍ منهما منفعة.
  ويؤيد ما ذهبنا إليه قوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}[البقرة: ٢٧٠] فلو شفع النبي ÷ لأحدٍ من الظالمين لكان ذلك نصرة له، وذلك لا يجوز؛ لأنه يكون تكذيباً لقول الله تعالى.
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}[الزمر: ١٩] وهذه صورة الاستفهام والمراد به الإنكار، ومعناه أنت يا محمد لا تنقذ من في النار، فلو شفع النبي ÷ كان قد أنقذه، وذلك لا يجوز؛ لأنه يكون رداً لكلام الله تعالى.
  ويدل على ذلك قول النبي ÷: «ذخرت شفاعتي لثلاثة من أمتي: رجل أحب أهل بيتي بقلبه ولسانه، ورجل قضى لهم حوائجهم لما احتاجوا إليه، ورجل ضارب بين أيديهم بسيفه».
  وقال ÷: «من آذاني في أهل بيتي فقد آذى الله، ومن أعان على أذيتهم، وركن إلى أعدائهم فقد أذن بحرب من الله ورسوله، ولا نصيب له غداً في شفاعتي».