الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الاول مسائل الاثبات

صفحة 81 - الجزء 1

  بل يُعد من قال ذلك مناقضاً لكلامه من جهة المعنى.

  (٢) وأما الأصل الثاني: وهو أنه لو كان محدثاً، لما صح منه فعل الأجسام.

  فالذي يدل على ذلك: أن المحدث لا يخلو إما أن يتحيز عند الوجود، أو لا يتحيز.

  فإن تحيز، فهو من قبيل الأجسام.

  وإن لم يتحيز، فهو من قبيل الأعراض.

  ولا يجوز أن يكون صانع العالم جسماً؛ لأن الجسم لا يقدر على إحداث جسم آخر، إذ لو قدر على ذلك بعض الأجسام، لقدر على ذلك سائر القادرين من الأجسام، وكان يصح من الواحد منا، أن يفعل لنفسه ما شاء، من الأحوال والأولاد، ومعلوم أن ذلك مستحيل منا، ويتعذر علينا، فعلمنا أن الجسم لا يقدر على إحداث جسم آخر.

  وكذلك فلا يجوز أن يكون صانع العالم عرضاً؛ لأن العرض ليس بحي ولا قادر، والفعل لا يصح إلا من حي قادر، على ما تقدم.

  (٣) وأما الأصل الثالث: وهو أن فعل الأجسام قد صح منه تعالى.

  فالذي يدل على ذلك: أنه قد وقع على ما تقدم بيانه، في إثبات كونه قادراً والوقع فرع الصحة.

  (٤) وأما الأصل الرابع: وهو أنه إذا بطل كونه محدثاً، ثبت كونه قديماً.

  فالذي يدل على ذلك: أن هذه قسمة دائرة بين نفي وإثبات، فلا يجوز دخول متوسط بينهما.

  وبيان ذلك أنك نقول: الموجود لا يخلو إما أن يكون لوجوده أول، أو لا يكون وجوده أول، (فإن كان لوجوده أول) فهو المحدث.

  وإن لم يكن لوجوده أول، فهو القديم.

  وقد ثبت أن الله تعالى موجود، وبطل أن يكون لوجوده أول، فلم يبق إلا أنه قديم.