(6) المسألة السادسة أن الله تعالى قديم
  وأما الأصل الثاني: وهو أن القادر العالم لا يكون إلا موجوداً.
  فالذي يدل على ذلك: أن المعدوم يستحيل أن يكون قادراً على شيء وعالماً به، ألا ترى أن كثيراً من الموجودات، كالجمادات، والأعراض، يستحيل أن تكون قادرة على شيء، أو عالمة به مع وجودها، فإذا كان ذلك كذلك، فالمعدوم أولى وأحرى أن لا يكون قادراً على شيء، ولا عالماً به.
  فلو كان صانع العالم معدوماً لم يكن قادراً ولا عالماً، وقد ثبت أن الله تعالى قادر عالم فيجب أن يكون موجوداً.
  ***
  ٢ - وأما الفصل الثاني وهو أنه تعالى لا أول لوجوده فالذي يدل على ذلك: أنه لو كان لوجوده أول؛ لكان محدثاً، ولو كان محدثاً؛ لما صح منه فعل الأجسام، وقد صح منه تعالى فعلها، فإذا بطل كونه محدثاً، ثبت كونه قديماً، وهذه الدلالة مبنية على أربعة أصول:
  ١ - أحدها: أنه لو كان لوجوده أول، لكان محدثاً.
  ٢ - والثاني: أنه لو كان محدثاً، لما صح منه فعل الأجسام.
  ٣ - والثالث: أن فعل الأجسام قد صح منه تعالى.
  ٤ - والرابع: أنه إذا بطل كونه محدثاً، ثبت كونه قديماً.
  (١) أما الأصل الأول: وهو أنه لو كان لوجوده أول لكان محدثاً.
  فالذي يدل على ذلك: أن حقيقة المحدث «هو الذي لوجوده أول»، إذ لا نعني بالمحدث سوى ذلك.
  بدليل أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينتفي بالآخر، فلا يجوز أن يقول قائل: هذا لوجوده أول وليس بمحدث، أو هو محدث وليس لوجوده أول.