الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الثاني مسائل النفي

صفحة 103 - الجزء 1

  الوجه الأول: فالذي يدل على الأول: أنه لا خلاف بين الأمة، أن هذا مما تمدح الله تعالى به، وإنما الخلاف بينهم في كيفية التمدح.

  أ - فذهب أهل العدل: إلى أن الله تعالى تمدح بنفي ذلك في الدنيا والآخرة.

  ب - وذهبت الأشعرية، وضرار بن عمرو: إلى أن الله تعالى تمدح بنفي ذلك في الدنيا دون الآخرة، وإلى أن المؤمنين يرون الله تعالى في الآخرة دون الكافرين.

  ج - وذهبت الحشوية: إلى أن الله تمدح بنفي الإحاطة عن نفسه؛ لاعتقادهم أنه جسم، فثبت الأصل الأول.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أن إجماعهم حجة، فسيأتي بيانه في باب الوعد والوعيد.

  والوجه الثاني: أن قول الله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} متوسط بين أوصاف المدح، ولا يجوز أن يتوسط بين أوصاف المدح ما ليس بمدح، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أن قول الله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} متوسط بين أوصاف المدح.

  والثاني: أنه لا يجوز أن يتوسط بين أوصاف المدح ما ليس بمدح.

  أما الأصل الأول: وهو أن قول الله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} متوسط بين أوصاف المدح.

  فالذي يدل على ذلك: أن نظام الآية يشهد بذلك فيما قبل وفيما بعد، قال الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٠١ ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ١٠٢ لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}⁣[الأنعام: ١٠١ - ١٠٣] فأول الآية مدح، وآخرها مدح، فصح أن قوله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} متوسط بين أوصاف المدح.

  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أنه لا يجوز أن يتوسط بين أوصاف المدح ما ليس بمدح.